تقدير ذلك عنده :" ولا الذين ظلموا، والفرقدان، ودار مروان " وقد خطأه النحاة في ذلك كالزجاج وغيره.
الرابع : أن " إلا بمعنى بعد، أي : بعد الذين ظلموا، وجعل منه قول الله تعالى :﴿ لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت إِلاَّ الموتة الأولى ﴾ [ الدخان : ٥٦ ].
وقوله تعالى :﴿ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ [ النساء : ٢٢ ] تقديره : بعد الموتة، وبعد ما قد سلف، هذا من أَفْسَد الأقوال، وأنكرها، وإنما ذكرته لغرض التنبيه على ضعفه.
و" الذين " في محل نصب على الاستثناء على القولين اتّصالاً وانقطاعاً، وأجاز قطرب أن يكون في موضع جَرّ بدلاً من ضمير الخطاب في " عليكم "، والتقدير : لئلا تثبت حجّة للناس على غير الظالمين منهم، وهم أنتم أيها المخاطبون بتولية وجوهكم إلى القِبْلة.
ونقل عنه أنه كان يقرأ :" إلاَّ على الذين " كأنه يكرر العامل في البدل على حَدْ قوله :﴿ لِلَّذِينَ استضعفوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ﴾ [ الأعراف : ٧٥ ].
وهذا عند جمهور البصريين ممتنع ؛ لأنه يؤدي إلى بدل ظاهر من ضمير حاضر بدل كلّ من كل، ولم يجزه من البصريين إلا الأخفش، وتأول غيره ما ورد من ذلك.
وأما قراءة ابن عباس بـ " ألا " للاستفتاح، ففي محل " الذين " حينئذ ثلاثة أوجه :
أظهرها : أنه مبتدأ، وخبره قوله :" فَلاَ تَخْشَوْهُمْ "، وإنما دخلت " الفاء " في الخبر ؛ لأن الموصول تضمن معنى الشرط، والماضي الواقع صلة مستقبل معنى كأنه قيل : من يظلم الناس فلا تخشوهمن ولولا دخول الفاء لترجّح النصب على الاشتغال، أي : لا تخشوا الذين ظلموا لا تخشوهم.
الثاني : أن يكون منصوباً بإضمار فعل على الاشتغال، وذلك على قول الأخفش، فإنه يجيز زيادة الفاء.
الثالث : نقله ابن عطية أن يكون منصوباً على الإغراء.


الصفحة التالية
Icon