ثم قال : وبذلك كان ﷺ يتكلم في علوم الأولين بكلمات يعجز عنها إدراك الخلق نحو قوله ﷺ :" استاكوا بكل عود ما خلا الآس والرمان فإنهما يهيجان عرق الجذام " لأن الخلق لا يستطيعون حصر كليات المحسوسات، غاية إدراكهم حصر كليات المعقولات، ومن استجلى أحواله ﷺ علم اطلاع حسه على إحاطة المحسوسات وإحاطة حكمها وألسنتها ناطقها وأعجمها حيها وجمادها جمعاً، لما في العادة حكمة ولما في خرق العادة آية ؛ ثم قال : فعلى قدر ما وهب الله سبحانه وتعالى العبد من العقل يعلمه من الكتاب والحكمة، يؤثر عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال :" كان رسول الله ﷺ يكلم أبا بكر رضي الله عنه فكأنما يتكلمان بلسان أعجمي لا أفهم مما يقولان شيئاً " ولما كان انتهاء ما في الكتاب عند هذه الغاية أنبأ تعالى أن رسوله ﷺ يعلمهم ما لم يكن في كتابهم مثال علمه.
ففيه إشعار بفتح وتجديد فطرة يترقون لها إلى ما لم يكن في كتابهم علمه - انتهى.
وذلك لأن استعمال الحكمة موجب للترقي فقال تعالى :﴿ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون﴾ أي من الاستنباط من الكتاب من المعارف بما يدريكم به من الأقوال والأفعال ويسلككم فيه من طرق الخير الكاشفة لظلام الظلم الجالية لمرأى الأفكار المنورة لبصائر الاعتبار. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٢٧٤ ـ ٢٧٦﴾