وقال ابن عطية :
وقوله تعالى :﴿ ويوم تقوم الساعة ﴾ قالت فرقة : العامل في :﴿ يوم ﴾ قوله :﴿ يخسر ﴾ وجاء قوله :﴿ يومئذ ﴾ بدلاً مؤكداً. وقالت فرقة : العامل في :﴿ يوم ﴾ فعل يدل عليه الملك، وذلك أن يوم القيامة حال ثالثة ليست بالسماء ولا بالأرض، لأن ذلك يتبدل، فكأنه قال :﴿ ولله ملك السماوات والأرض ﴾ والملك يوم القيامة، وينفرد ﴿ يخسر ﴾ بالعمل في قوله :﴿ يومئذ ﴾ و: ﴿ المبطلون ﴾ الداخلون في الباطل.
وقوله تعالى :﴿ وترى كل أمة جاثية كل أمة ﴾ وصف حال القيامة وهولها. والأمة : الجماعة العظيمة من الناس التي قد جمعها معنى أو وصف شامل لها. وقال مجاهد : الأمة : الواحد من الناس، وهذا قلق في اللغة، وإن قيل في إبراهيم عليه السلام أمة، وقالها النبي عليه السلام في قس بن ساعدة فذلك تجوز على جهة التشريف والتشبيه. و: ﴿ جاثية ﴾ معناه على الركب، قاله مجاهد والضحاك، وهي هيئة المذنب الخائف المعظم، وفي الحديث :" فجثا عمر على ركبتيه ". وقال سلمان : في القيامة ساعة قدر عشر سنين يخر الجميع فيها جثاة على الركب.
وقرأ جمهور الناس :" كلُّ أمة " بالرفع على الابتداء. وقرأ يعقوب الحضرمي :" كلَّ أمة تدعى " بالنصب على البدل من " كل " الأولى، إذ في " كل " الثانية إيضاح موجب الجثو. وقرأ الأعمش :" وترى كل أمة جاثية تدعى " بإسقاط ﴿ كل أمة ﴾ الثاني.
واختلف المتأولون في قوله :﴿ إلى كتابها ﴾ فقالت فرقة : أراد ﴿ إلى كتابها ﴾ المنزل عليها فتحاكم إليه هل وافقته أو خالفته.
وقالت فرقة : أراد ﴿ إلى كتابها ﴾ الذي كتبته الحفظة على كل واحد من الأمة، فباجتماع ذلك قيل له ﴿ كتابها ﴾، وهنا محذوف يدل عليه الظاهر تقديره : يقال لهم اليوم تجزون.


الصفحة التالية
Icon