وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض ﴾
خلقاً وملكاً.
﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ المبطلون ﴾ "يَوْمَ" الأوّل منصوب ب "يَخْسَرُ" و "يَوْمَئِذٍ" تكرير للتأكيد أو بدل.
وقيل : إن التقدير وله الملك يوم تقوم الساعة.
والعامل في "يَوْمَئِذٍ" "يَخْسَر"، ومفعول "يَخسَرُ" محذوف ؛ والمعنى يخسرون منازلهم في الجنة.
قوله تعالى :﴿ وترى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ﴾ أي من هول ذلك اليوم.
والأُمة هنا : أهلُ كل ملة.
وفي الجاثية تأويلات خمسة : الأوّل قال مجاهد : مستوفزة.
وقال سفيان : المستوفز الذي لا يصيب الأرضَ منه إلا ركبتاه وأطراف أنامله.
الضحاك : ذلك عند الحساب.
الثاني مجتمعة ؛ قاله ابن عباس.
الفراء : المعنى وترى أهل كل دين مجتمعين.
الثالث متميزة ؛ قاله عكرمة.
الرابع خاضعة بلغة قريش ؛ قاله مُوَرِّج.
الخامس باركة على الركب ؛ قاله الحسن.
والجَثْوُ : الجلوس على الركب.
جثا على ركبتيه يجثو ويجثي جُثُوًّا وجُثِيًّا ؛ على فعول فيهما، وقد مضى في "مريم" : وأصل الجثوة : الجماعة من كل شيء.
قال طَرَفَة يصف قبرين :
ترى جُثْوَتَيْن من تراب عليهما...
صفائحُ صُمٌّ من صفيح مُنَضَّدِ
ثم قيل : هو خاص بالكفار ؛ قاله يحيى بن سلام.
وقيل : إنه عام للمؤمن والكافر انتظاراً للحساب.
وقد روى سفيان بن عيينة عن عمرو عن عبد الله بن باباه أن النبيّ ﷺ قال :" كأني أراكم بالكَوْم جاثين دون جهنم " ذكره الماوردي.
وقال سلمان : إن في يوم القيامة لساعةً هي عشر سنين يخِرّ الناس فيها جثاة على ركبهم حتى إن إبراهيم عليه السلام لينادي "لا أسألك اليوم إلا نفسي".
﴿ كُلُّ أمَّةٍ تدعى إلى كِتَابِهَا ﴾ قال يحيى بن سلام : إلى حسابها.
وقيل : إلى كتابها الذي كان يستنسخ لها فيه ما عملت من خير وشر ؛ قاله مقاتل.
وهو معنى قول مجاهد.
وقيل :"كِتابِهَا" ما كتبت الملائكة عليها.