وقولُه تعالى :﴿ فَأَمَّا الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِى رَحْمَتِهِ ﴾ أي في جنتِه، تفصيلٌ لما يُفعلُ بالأممِ بعد بيانِ ما خُوطِبوا بهِ من الكلامِ المُنطوي على الوعدِ والوعيدِ. ﴿ ذلك ﴾ أي الذي ذُكرَ من الإدخالِ في رحمتِه تعالى ﴿ هُوَ الفوز المبين ﴾ الظاهرُ كونُه فوزاً لا فوزَ وراءَهُ ﴿ وَأَمَّا الذين كَفَرُواْ أَفَلَمْ تَكُنْ ءاياتى تتلى عَلَيْكُمْ ﴾ أي فيقالُ لهم بطريقِ التوبيخِ والتقريعِ ألم يكنُ يأتيكم رُسلي فلم تكُنْ آياتِي تُتلى عليكمُ فخذفَ المعطوفُ عليه ثقةً بدلالةِ القريبةِ عليهِ. ﴿ فاستكبرتم ﴾ عن الإيمانِ بها ﴿ وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ ﴾ أي قوماً عادتُهم الإجرامُ ﴿ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ الله ﴾ أي ما وعدَهُ من الأمورِ الآتيةِ أو وعدُه بذلكَ ﴿ حَقّ ﴾ أي واقعٌ لا محالةَ أو مطابقٌ للواقعِ ﴿ والساعة ﴾ التي هيَ أشهرُ ما وعدَهُ ﴿ لاَ رَيْبَ فِيهَا ﴾ أي في وقوعِها. وقُرِىءَ والساعةَ بالنصبِ عطفاً على اسمِ إنَّ وقراءةُ الرفعِ للعطفِ على محلِّ إنَّ واسمِها. ﴿ قُلْتُمْ ﴾ لغايةِ عُتوِّكُم ﴿ مَّا نَدْرِى مَا الساعة ﴾ أيْ أيُّ شيءٍ هي استغراباً لَها ﴿ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً ﴾ أيْ ما نفعلُ إلا ظناً وقد مرَّ تحقيقُه في قولِه تعالى :﴿ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَىَّ ﴾ وقيلَ : ما نعتقدُ إلا ظناً أي لا علماً وقيلَ : ما نحنُ إلا نظنُّ ظناً وقيلَ : ما نظنُّ إلا ظناً ضعيفاً ويردُّه قولُه تعالى ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾ أي لإمكانِه فإنَّ مقابلَ الاستيقانِ مطلقُ الظنِّ لا الضعيفُ منه ولعلَّ هؤلاءِ غيرُ القائلينَ ما هيَ إلا حياتُنا الدُّنيا. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon