﴿ وترى كُلَّ أُمَّةٍ ﴾ من الأمم المجموعة ﴿ جَاثِيَةً ﴾ باركة على الركب مستوفزة وهي هيئة المذنب الخائف المنتظر لما يكره، وعن ابن عباس جاثية مجتمعة، وعن قتادة جماعات من الجثوة مثلثة الجيم وهي الجماعة تجتمع على جثي أي تراب مجتمع، وعن مؤرج السدوسي جاثية خاضعة بلغة قريش، والخطاب في ﴿ تَرَى ﴾ لمن يصح منه الرؤية أو لسيد المخاطبين عليه الصلاة والسلام وهي بصرية، و﴿ جَاثِيَةً ﴾ حال وجوز أن تكون صفة ولو كانت علمية كانت مفعولاً ثانياً، وقرىء ﴿ جاذية ﴾ بالذال والجذو أشد استيفازاً من الجثو لأن الجاذي هو الذي يجلس على أطراف أصابعه، وجوز أن يكون الجاذي بمعنى الجاثي أبدلت ثاؤه ذالاً فإن الثاء والذال متقارضان كما قيل شحاث وشحاذ ﴿ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تدعى إلى كتابها ﴾ إلى صحيفة أعمالها التي كتبتها الحفظة لتحاسب، وأفرد على إرادة الجنس وإلا فلكل واحد من كل أمة صحيفة فيها أعماله، وقيل : المراد كتاب نبيها تدعى إليه لينظر هل عملت به أولاً وحكي ذلك عن يحيى بن سلام إلا أنه حمل كل أمة على كل أمة كافرة والظاهر العموم، وقيل : المراد بذلك اللوح المحفوظ أي تدعى إلى ما سبق لها فيه، وقرأ يعقوب ﴿ كُلٌّ ﴾ بالنصب وخرج على أنه بدل من كل الأول، وجملة ﴿ تدعى ﴾ صفة، وإبدال الأمة المدعوة إلى كتابها من الأمة الجاثية حسن وجاء ذلك من الوصف، ويقال مثل ذلك فيما إذا كان الجملة حالاً، وإذا كانت الرؤية علمية وجملة ﴿ تدعى ﴾ مفعولاً ثانياً فالظاهر أنه تأكيد، وجعله تأكيداً مع كون الجملة صفة فيه تخلل التأكيد بين الوصفين وهو كما في "الكشف" غير مستحسن ﴿ اليوم تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ مقول قول مقدر هو حال أو خبر بعد خبر.
وفي الكلام مضاف مقدر أي جزاء ما كنتم الخ أو هو من المجاز.


الصفحة التالية
Icon