﴿ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً ﴾ استشكل ذلك لما أنه استثناء مفرغ وقد قالوا : لا يجوم تفريغ العامل إلى المفعول المطلق المؤكد فلا يقال : ما ضربت إلا ضرباً لأنه بمنزلة ما ضربت إلا ضربت، وقال الرضي : إن الاستثناء المفرغ يجب أن يستثنى من متعدد مقدر معرب بإعراب المستثنى مستغرق لذلك الجنس حتى يدخل فيه المستثنى بيقين ثم يخرج بالاستثناء وليس مصدر نظن محتملاً مع الظن غيره حتى يخرج الظن منه، وكذا يقال في ما ضربت إلا ضرباً ونحوه وهذا مراد من قال : إنه من قبيل استثناء الشيء من نفسه، واختلفوا في حله فقيل : إن معنى ما نظن ما نفعل الظن كما في نحو قيم وقعد وحينئذٍ يصح الاستثناء ويتغاير مورد النفي والإيجاب من حيث التقدير والتجوز في الاستثناء من العام المقدر وجعل ﴿ نَّظُنُّ ﴾ في معنى الفعل لا نفعل الظن كأنه قيل : ما نفعل فعلاً إلا الظن، وكذا يقال في أمثاله ومنها قوله الأعشى :
وحل به الشيب أثقاله...
وما اغتره الشيب إلا اغترار
وارتضاه صاحب الكشف، وقيل : ما نظن بتأويل ما نعتقد ويكون ﴿ ظَنّا ﴾ مفعولاً به أي ما نعتقد شيئاً إلا ظناً، وارتضاه أبو حيان.
وتعقب بأن ظاهر حالهم أنهم مترددون لا معتقدون.