فصل


قال الفخر :
ثم قال تعالى :﴿وَبَدَا لَهُمْ﴾ أي في الآخرة ﴿سَيّئَاتُ مَا عَمِلُواْ﴾ وقد كانوا من قبل يعدونها حسنات فصار ذلك أول خسرانهم ﴿وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ﴾ وهذا كالدليل على أن هذه الفرقة لما قالوا ﴿إن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً﴾ إنما ذكروه على سبيل الاستهزاء والسخرية، وعلى هذا الوجه فهذا الفريق شر من الفريق الأول، لأن الأولين كانوا منكرين وما كانوا مستهزئين، وهذا الفريق ضموا إلى الإصرار على الإنكار الاستهزاء.
ثم قال تعالى :﴿وَقِيلَ اليوم نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا﴾ وفي تفسير هذا النسيان وجهان الأول : نترككم في العذاب كما تركتم الطاعة التي هي الزاد ليوم المعاد الثاني : نجعلكم بمنزلة الشيء المنسي غير المبالى به، كما لم تبالوا أنتم بلقاء يومكم ولم تلتفتوا إليه بل جعلتموه كالشيء الذي يطرح نسياً منسياً، فجمع الله تعالى عليهم من وجوه العذاب الشديد ثلاثة أشياء فأولها : قطع رحمة الله تعالى عنهم بالكلية وثانيها : أنه يصير مأواهم النار وثالثها : أن لا يحصل لهم أجر من الأعوان والأنصار، ثم بيّن تعالى أنه يقال لهم إنكم إنما صرتم مستحقين لهذه الوجوه الثلاثة من العذاب الشديد ؛ لأجل أنكم أتيتم بثلاثة أنواع من الأعمال القبيحة فأولها : الإصرار على إنكار الدين الحق وثانيها : الاستهزاء به والسخرية منه، وهذان الوجهان داخلان تحت قوله تعالى :﴿ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزواً﴾ وثالثها : الاستغراق في حب الدنيا والإعراض بالكلية عن الآخرة، وهو المراد من قوله تعالى :﴿وَغَرَّتْكُمُ الحياة الدنيا ﴾.


الصفحة التالية
Icon