وقرأ الجمهور :﴿ والساعة ﴾ بالرفع على الابتداء، ومن زعم أن لاسم إن موضعاً جوز العطف عليه هنا، أو زعم أن لأن واسمها موضعاً جوز العطف عليه، وبالعطف على الموضع لأن واسمها هنا.
قال أبو علي : ذكره في الحجة، وتبعه الزمخشري فقال : وبالرفع عطفاً على محل إن واسمها، والصحيح المنع ؛ وحمزة : بالنصب عطفاً على الله، وهي مروية عن الأعمش، وأبي عمرو، وعيسى، وأبي حيوة، والعبسي، والمفضل.
﴿ إن نظن إلا طناً ﴾، تقول : ضربت ضرباً، فإن نفيت، لم تدخل إلا، إذ لا يفرغ بالمصدر المؤكد، فلا تقول : ما ضربت إلا ضرباً، ولا ما قمت إلا قياماً.
فأما الآية، فتأول على حذف وصف المصدر حتى يصير مختصاً لا مؤكداً، وتقديره : إلا ظناً ضعيفاً، أو على تضمين نظن معنى نعتقد، ويكون ظناً مفعولاً به.
وقد تأول ذلك بعضهم على وضع إلا في غير موضعها، وقال : التقديران نحن إلا نظن ظناً.
وحكى هذا عن المبرد، ونظيره ما حكاه أبو عمرو بن العلاء وسيبويه من قول العرب :
ليس الطيب إلا المسك...
_@_ قال المبرد : ليس إلا الطيب المسك. انتهى.
واحتاج إلى هذا التقدير كون المسك مرفوعاً بعد إلا وأنت إذا قلت : ما كان زيد إلا فاضلاً نصبت، فلما وقع بعد إلا ما يظهر أنه خبر ليس، احتاج أن يزحزح إلا عن موضعها، ويجعل في ليس ضمير الشأن، ويرفع إلا الطيب المسك على الابتداء والخبر، فيصير كالملفوظ به، في نحو : ما كان إلا زيد قائم.
ولم يعرف المبرد أن ليس في مثل هذا التركيب عاملتها بنو تميم معاملة ما، فلم يعملوها إلا باقية مكانها، وليس غير عامله.
وليس في الأرض حجازي إلا وهو ينصب في نحو ليس الطيب إلا المسك، ولا تميمي إلا وهو يرفع.
في ذلك حكاية جرت بين عيسى بن عمر وأبي عمرو بن العلاء، ذكرناها فيما كتبناه من علم النحو.
ونظير ﴿ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً ﴾ قول الأعشى :
وجدّ به الشيب أثقاله...
وما اغتره الشيب إلا اغتراراً