وقال الآلوسى :
﴿ وَبَدَا لَهُمْ ﴾
أي ظهر لهم حينئذٍ ﴿ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ ﴾ أي قبائح أعمالهم أي عقوباتها فإن العقوبة تسوء صاحبها وتقبح عنده أو سيآت أعمالهم أي أعمالهم السيآت على أن تكون الإضافة من إضافة الصفة إلى الموصوف والكلام على تقدير مضاف أي ظهر لهم جزاء ذلك أو أن يراد بالسيآت جزاؤها من باب إطلاق السبب على المسبب، وقيل : المراد ظهر لهم الجهات السيئة الغير الحسنة عقلاً لأعمالهم أي جهات قبحها العقلي التي خفيت عليهم في الدنيا بتزيين الشيطان ؛ وهو قول بالحسن والقبح العقليين في الأفعال، و﴿ مَا ﴾ موصولة، وجوز أن تكون مصدرية فلا تغفل ﴿ وَحَاقَ ﴾ أي حل ﴿ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ من الجزاء والعقاب.
﴿ وَقِيلَ اليوم نَنسَاكُمْ ﴾ نترككم في العذاب من باب إطلاق السبب على المسبب لأن من نسي شيئاً تركه أو نجعلكم بمنزلة الشيء المنسي غير المبالي به على أن ثم استعارة تمثيلية، وجوز أن يكون استعارة مكنية في ضمير الخطاب.
﴿ كَمَا نَسِيتُمْ ﴾ في الدنيا ﴿ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا ﴾ أي كما تركتم عدته وهي التقوى والإيمان به أو كما لم تبالوا أنتم بلقائه ولم تخطروه ببال كالشيء الذي يطرح نسياً منسياً، وجوز أن يكون التعبير بنسيانه لأن علمه مركوز في فطرتهم أو لتمكنهم منه بظهور دلائله ففي النسيان الأول مشاكلة، وإضافة ﴿ لِقَاء ﴾ إلى يوم من إضافة المصدر إلى ظرفه فهي على معنى في والمفعول مقدر أي لقاءكم الله تعالى وجزاءه سبحانه في يومكم هذا، وقال العلامة التفتازاني ﴿ لِقَاء يَوْمِكُمْ ﴾ كـ ﴿ مَكْرُ الليل ﴾ [ سبأ : ٣٣ ] من باب المجاز الحكمي فلذا أجرى المضاف إليه مجرى المفعول به، وإنما لم يجعل من إضافة المصدر إلى المفعول به حقيقة لأن التوبيخ ليس على نسيان لقاء اليوم نفسه بل نسيان ما فيه من الجزاء.


الصفحة التالية
Icon