الغرب إلا بدراسة هذا الحق الذى قامت به السموات والأرض ؟
لندع ذلك إلى أوانه، ولننظر إلى ما حكاه الكتاب الكريم عن الجن ليسمعه المكذبون من أغبياء الشرك " وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين ". غيرهم من أبناء آدم قال " لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون! ". أما هؤلاء فقد وعوا ما قيل ثم رجعوا إلى قومهم منذرين...! ونلحظ أنهم قالوا "... إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى "، وذلك لعلمهم أن الإنجيل ملحق بالتوراة ومؤيد لأحكامها ومخفف لبعض شدتها. أما القرآن فكتاب مستقل طوى التوراة والإنجيل معا فى معانيه، وأنشأ شريعة مهيمنة على ما سبقها من وحى " يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ". ومضى السياق يعرض! بقريش ويستخرجها من ظلماتها ويهددها بالبعث والجزاء. " أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير ". إن عادا أقوى من قريش والجن أقوى من القبيلين، فهل يكفكف ذلك من كبرياء الكفر عند البشر؟ وتنتهى سورة الأحقاف بآية تطلب من محمد أن يتأسى بأولى العزم من الرسل وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، فإنهم عانوا من أقوامهم مثل ما يعانى من قومه وبقوا صامدين حتى حكم القدر فى مصايرهم " فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم... ". إن الكفاح تطول أيامه ولياليه، فإذا جاءت النتيجة المنتظرة كانت ذكريات الماضى كأنها لحظات، كما قال الشاعر: كأنك لم تسبق من الدهر ليلة إذا أنت أدركت الذى كنت تطلب " كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ". هذا الذى ذكر كله " بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون " ؟. أ هـ ﴿نحو تفسير موضوعى صـ ٣٩٠ ـ ٣٩٤﴾