وقال الفراء :
معانى القرآن للفراء
سورة ( الأحقاف )
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَاذَآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾
قوله عز وجل: ﴿أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾، ثم قال: ﴿أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ...﴾ ولم يقل: خلقت، ولا خلقن ؛ لأنه إنما أراد الأصنام، فجعل فعلهم كفعل الناس وأشباههم ؛ لأن الأصنام تُكلّم وتُعبد وتعتاد وتعظم كما تعظم الامراء وأشباههم، فذهب بها إلى مثل الناس. وهى فى قراءة عبدالله: [بن مسعود]: مَن تعبدون من دون الله، فجعلها (مَن)، فهذا تصريح بشبه الناس فى الفعل وفى الاسم. وفى قراءة عبدالله: أريتكم، وعامة ما فى قراءته من قول الله أريت، وأريتم فهى فى قراءة عبدالله بالكاف، حتى إن فى قراءته: "أرَيْتك الذى يُكذِّب بالدين".
وقوله: ﴿أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ...﴾.
قرأها العوامّ: "أثارة"، وقرأها بعضهم قال: قرأ أبو عبدالرحمن فيما أعلم و "أثْرةً" خفيفة. وقد ذكر عن بعض القراء "أثَرة". والمعنى فيهن كلهن: بقية من علم، أو شىء مأثور من كتب الأولين.
فمن قرأ "أثارة" فهو كالمصدر مثل قولك: السماحة، والشجاعة.
ومن قرأ "أَثَرة" فإنه بناه على الأثر، كما قيل: قَتَرة.
ومن قرأ "أَثْرة" كأن أراد مثل قوله: ﴿إلا من خطِف الخطفة﴾، والرَّجفة.
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ ﴾
وقوله: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ...﴾.
عنى بـ (من) الأصنام، وهى فى قراءة عبدالله: "مالا يستجيب له"، فهذا مما ذكرت لك فى: من، وما.