وهذه الآية المدنية الأولى من هذه السورة، قال تعالى "قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كانَ" هذا القرآن الذي أتلوه عليكم منزل "مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ" أيها اليهود "وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ" في المعنى يعني التوراة والإنجيل
والزبور والصحف السماوية "فَآمَنَ" ذلك الشاهد وهو عبد اللّه بن سلام على أن القرآن من عند اللّه كما آمن بالتوراة بأنها من عنده "وَاسْتَكْبَرْتُمْ" عن الإيمان به أنفة وعدوانا وظلما لأنفسكم وغيركم "إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" ١٠ ويناسب هذه الآية في المعنى الآية المدنية ١٧ من سورة هود المارّة، يروى البخاري ومسلم عن سعيد بن العاص قال : ما سمعت النبي صلّى اللّه عليه وسلم يقول لحي يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد اللّه بن سلام، قال وفيه نزلت هذه الآية.
وأخرج البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك قال : بلغ عبد اللّه بن سلام مقدم النبي صلّى اللّه عليه وسلم المدينة، وهو في أرض يخترق النخيل، فأتاه وقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي، ما أول أشراط الساعة، وما أول طعام يأكله أهل الجنة، ومن أي ينزع الولد إلى أبيه، ومن أي شيء ينزع الولد إلى أخواله ؟ فقال صلّى اللّه عليه وسلم أخبرني بهن آنفا جبريل، أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيارة كبد الحوت، وأما الشّبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له، وإذا سبقت كان الشبه لها، قال أشهد أنك رسول اللّه.