إلا من شملته عناية اللّه فخصه بلطف منه بسائق ما قدر له في الأزل، لأنه قد يسبق عليه كتابه كما جاء في الحديث الصحيح المار ذكره.
"قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي" ألهمني ووفقني "أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ" بالإيمان والهداية والرشد "وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ" مني بأن يكون خالصا لوجهك "وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي" بأن تكون صالحة مرضية أنتفع بها وتنتفع بي في الدنيا والآخرة "إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" ١٥ قلبا وقالبا "أُولئِكَ" أمثال هذا القائل هم "الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا" في الدنيا من الطاعات، لأن المباحات وإن كانت حسنة إلا أنها قد تكون لا حسنة ولا قبيحة فلا يثاب عليها، ولهذا عبّر بالأحسن جل إحسانه القائل "وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ" فلا نؤاخذهم عليها وسيعدّون "فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ" في الآخرة وكان هذا الوعد بالقبول والتجاوز وإدخال الجنة لهؤلاء الشاكرين التائبين "وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ" ١٦ به في الدنيا على لسان رسلهم لا خلف فيه البتة.
مطلب فيما اختص به أبو بكر ورد عائشة على مروان ومعرفة الراهب :
أخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللّه عنهم أنها نزلت في أبى بكر الصديق رضي اللّه عنه، وقال علي كرم اللّه وجهه إنها نزلت في أبي بكر حيث أسلم أبواه جميعا، ولم يجتمع لأحد من المهاجرين أنه أسلم أبواه غيره وأوصاه اللّه بهما، ولزمت هذه الوصية من بعده، وفي قوله كرم اللّه وجهه (مِنَ الْمُهاجِرِينَ) دليل على مدنية هذه الآية، إذ لم تطلق هذه الكلمة على أحد قبل الهجرة.
قال ابن عباس وقد أجاب اللّه دعاءه فأعتق تسعة من المؤمنين كانوا يعذبون في اللّه منهم بلال، ولم يرد شيئا من الخير إلا أعانه اللّه عليه ووفقه لفعله.