كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له، فقال له عبد الرحمن بن ابي بكر رضي اللّه عنهما شيئا، فقال لشرطته خذوه، فدخل بيت عائشة، فلم يقدروا عليه، فقال مروان هذا الذي أنزل اللّه فيه (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ) فقالت عائشة رضي اللّه عنها وعن أبيها من وراء الحجاب ما أنزل اللّه فينا شيئا من القرآن (تريد مما هو يفيد الذم) إلا ما أنزل اللّه في سورة النور من براءتي.
ومما يؤيد قول عائشة وينفي قول مروان عليه ما يستحق من الملك الديان قوله تعالى "أُولئِكَ" العاقون الكافرون هم "الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ"
بالعذاب المقدر أزلا "فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ" ١٨ الآخرة كما خسروا الدنيا، وعبد الرحمن رضي اللّه عنه وعن والديه من أفاضل المؤمنين فلا يتصور دخوله في هذه الآية البتة، وإسلام أبويه قبله لا يقتضي نزول هذه الآية فيه، لأن إسلامه جب ما قبله فضلا عن أنه من أبطال المؤمنين، وله مواقف مشهورة يوم اليمامة وغيره، لهذا فلا يعقل نزول هذه الآية فيه، بل هي عامة في كل مؤمنين دعيا أولادهما للإيمان، قال تعالى "وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا" بحسب برهم وكمال إيمانهم، وللكافرين الدركات بمقتضى عقوقهم وعصيانهم، وفيه تغليب الدرجات على الدركات "وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ" يوم القيامة "وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ" ١٩ فيها فلا يزاد على سيئات المسيء ولا ينقص من حسنات المحسن.
مطلب فى قوله (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ) الدنيا وكيفية إهلاك قوم عاد :