ولهذا ذكرهم اللّه بقوله "وَاذْكُرْ" يا محمد لقومك الكافرين "أَخا عادٍ" هودا عليه السلام "إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ" جمع حقف رمل مستطيل فيه اعوجاج وانحناء يقال احقوقف الشيء أي أعوج أو كثيب الرمل المعوج، وقال ابن عباس هو واد بين عمان ومهرة، فيه ذلك الكثيب المنكسر وإلا فاللغة لا تسمي الوادي حقفا وإنما ذكرهم بهم لأنهم كانوا أكثر منهم أموالا وأولادا وقوة وجاها وقد سلط اللّه عليهم العذاب بكفرهم ليتعظوا بمن قبلهم لئلا يصيبهم ما أصابهم "وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ" جمع نذير بمعنى الرسل "مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ" أي قبل نبيهم وبعده قال لهم "أَلَّا تَعْبُدُوا" أحدا ولا شيئا "إِلَّا اللَّهَ" وحده المستحق للعبادة "إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ" إن عبدتم غيره "عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ" ٢١ في هوله عظيم في عذابه ترتعد له القلوب وتذل فيه الجبابرة وتقشعر له الجلود وتهان فيه الأكاسرة والقياصرة "قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا" تصرفنا بما تموه علينا من الكذب "عَنْ" عبادة "آلِهَتِنا" التي دأبنا عليها وآباؤنا من قبلنا، كلا لا نقبل منك "فَأْتِنا بِما تَعِدُنا" به من العذاب "إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ" ٢٢ في قولك "قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ" وحده بوقت مجيء العذاب الذي هددتكم به لم يخبرني به "وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ" من لدنه لتعلموا أني قمت بواجبي نحركم وأديت ما أمرت به "وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ" ٢٣ أهمية عذاب اللّه ولا تلقوا إليه بالا، فلم يلتفتوا إلى قوله، قال تعالى "فَلَمَّا رَأَوْهُ" أي العذاب الذي وعدهم به نبيهم وقد بينه اللّه بقوله جل قوله "عارِضاً" في ناحية السماء "مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ" قال ابن عباس