قال تعالى "أَ وَلَمْ يَرَوْا" قومك يا محمد "أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ" يعجز ويتعب أو يتحيّر وحاشاه من هذا كله "بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى " مرة ثانية كما خلقهم أول مرة قل يا أكرم الرسل "بَلى " هو قادر على ذلك وهو أهون عليه، لأن الإبداع وهو اختراع ما لم يكن أعظم من الإعادة لأن لها مثالا وهو على غير مثال "إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ٣٣ وإحياء الموتى شيء مقدور للّه، فينتج إحياء الموتى مقدور للّه، وذلك أن قوله (عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ) تشير إلى كبرى لصغرى سهلة الحصول كما ذكرنا، ويلزم منها أنه تعالى قادر على إحياء الموتى كما أنشأهم أول مرة.
واعلم أن ما قرأه بعضهم بدل قدير (يقدر) لا يلتفت إليه ولا تجوز هذه القراءة كما مر في الآية ٥٨ من سورة الأنعام، ولبحث القراءة صلة في الآية ١١ من سورة الحج في ج ٣.
قال تعالى "وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا" من منكري البعث وغيرهم "عَلَى النَّارِ" يوم القيامة يقال لهم "أَ لَيْسَ هذا" الذي تشاهدونه من الإحياء بعد الموت والعذاب الذي أوعدكم به الرسل في الدنيا "بِالْحَقِّ" والصدق كما أخبروكم به "قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ" تعالى "فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ" ٣٤ بذلك وتجحدونه.
وهذه الآية الثالثة المدنية كما قال صاحب البحر