أي اصبر يا محمد على دعوة الحق ومكابدة الشدائد كما صبر إخوانك الرسل من قبلك "وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ" نزول العذاب الذي وعدناك به ليؤمن مؤمنهم ويصر كافرهم وأنهم مهما مكثوا في هذه الدنيا لا يعد شيئا بالنسبة لطول الآخرة "كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ" من العذاب وأهوال القيامة "لَمْ يَلْبَثُوا" في الدنيا "إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ" لأنهم يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا لما يرون من أهوال القيامة وطولها حتى يظنونه ساعة واحدة.
واعلم يا سيد الرسل أن هذا القرآن الموحى إليك وما فيه من الآيات البينات "بَلاغٌ" كاف من الموعظة وان
فيه العبرة لمن له قلب واع وسمع سامع وبصر ناظر وفكر ثاقب وتدبر واسع، أما من ليس له شيء من ذلك فهو عات فاسق، ولهذا يقول اللّه تعالى "فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ" ٣٥ الخارجون عن طاعة اللّه الذين لا يتعظون بالإنذار والوعيد.
ولا يوجد سورة مختومة بمثل هذه اللفظة ولا مثلها في عدد الآي.
قال قوم من القوم ما في الرجاء لرحمة اللّه أقوى من هذه الآية، أخرج الطبراني في الدعاء عن أنس عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال : إذا طلبت حاجة وأحببت أن تنجح فقل لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له العلي العظيم، لا إله الا اللّه وحده لا شريك له الحليم الكريم، بسم اللّه الذي لا إله إلا هو الحي الحكيم، سبحان اللّه رب العرش العظيم، الحمد للّه رب العالمين، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا ساعة أو ضحاها، كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار، بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون.