وقال الشيخ الشنقيطى :
قوله تعالى :﴿ حم تَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله العزيز الحكيم ﴾.
قد قدمنا الكلام على الحروف المقطعة. فى أول سورة هود، وقدمنا الكلام على قوله تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم فى أول سورة الزمر.
قوله تعالى :﴿ مَا خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بالحق وَأَجَلٍ مُّسَمًى ﴾.
صيغة الجمع فى قوله : خلقنا للتعظيم.
وقوله : إلا بالحق أي خلقا ملتبساً بالحق.
والحق ضد الباطل، ومعنى كون خلقه للسماوات والأرض متلبساً بالحق أنه خلقهما لحكم باهر، ولم يخلقهما باطلاً، ولا عبثاً، ولا لعباً، فمن الحق الذى كان خلقهما متلبساً به، إقامة البرهان، على أنه هو الواحد المعبود وحده جل وعلا، كما أوضح ذلك في آيات كثيرة لا تكاد تحصيها فى المصحف الكريم كقوله تعالى في البقرة ﴿ وإلهكم إله وَاحِدٌ لاَّ إله إِلاَّ هُوَ الرحمن الرحيم ﴾ [ البقرة : ١٦٣ ] ثم أقام البرهان على أنه هو الإله الواحد بقوله بعده :﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تَجْرِي فِي البحر بِمَا يَنفَعُ الناس وَمَآ أَنزَلَ الله مِنَ السمآء مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرياح والسحاب المسخر بَيْنَ السمآء والأرض لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [ البقرة : ١٦٤ ].
فتلبس خلقه للسماوات والأرض بالحق واضح جداً، من قوله تعالى :﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض ﴾ [ البقرة : ١٦٤ ] إلى قوله ﴿ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون ﴾ [ البقرة : ١٦٤ ] بعد قوله ﴿ وإلهكم إله وَاحِدٌ لاَّ إله إِلاَّ هُوَ ﴾ [ البقرة : ١٦٣ ] لأن إقامة البرهان القاطع على صحة معنى لا إله إلا الله هو أعظم الحق.