هذا من باب حذف المضاف، والتقدير ومدة حمله وفصاله ثلاثون شهراً والفصال الفطام وهو فصله عن اللبن، فإن قيل المراد بيان مدة الرضاعة لا الفطام، فكيف عبّر عنه بالفصال ؟ قلنا : لما كان الرضاع يليه الفصال ويلائمه، لأنه ينتهي ويتم به سمي فصالاً.
المسألة الثانية :
دلت الآية على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، لأنه لما كان مجموع مدة الحمل والرضاع ثلاثون شهراً، قال :﴿والوالدات يُرْضِعْنَ أولادهن حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [ البقرة : ٢٣٣ ] فإذا أسقطت الحولين الكاملين وهي أربعة وعشرون شهراً من الثلاثين، بقي أقل مدة الحمل ستة أشهر.
روي عن عمر أن امرأة رفعت إليه، وكانت قد ولدت لستة أشهر، فأمر برجمها، فقال علي : لا رجم عليها، وذكر الطريق الذي ذكرناه، وعن عثمان أنه هم بذلك، فقرأ ابن عباس عليه ذلك.
واعلم أن العقل والتجربة يدلان أيضاً على أن الأمر كذلك، قال أصحاب التجارب : إن لتكوين الجنين زماناً مقدراً، فإذا تضاعف ذلك الزمان تحرك الجنين، فإذا انضاف إلى ذلك المجموع مثلاه انفصل الجنين عن الأم، فلنفرض أنه يتم خلقه في ثلاثين يوماً، فإذا تضاعف ذلك الزمان حتى صار ستين تحرك الجنين، فإذا تضاعف إلى هذا المجموع مثلاه وهو مائة وعشرون حتى صار المجموع مائة وثمانين وهو ستة أشهر، فحينئذ ينفصل الجنين، فلنفرض أنه يتم خلقه في خمسة وثلاثين يوماً فيتحرك في سبعين يوماً، فإذا انضاف إليه مثلاه وهو مائة وأربعون يوماً صار المجموع مائة وثمانين وعشرة أيام، وهو سبعة أشهر انفصل الولد، ولنفرض أنه يتم خلقه في أربعين يوماً، فيتحرك في ثمانين يوماً، فينفصل عند مائتين وأربعين يوماً، وهو ثمانية أشهر، ولنفرض أنه تمت الخلقة في خمسة وأربعين يوماً، فيتحرك في تسعين يوماً، فينفصل عند مائتين وسبعين يوماً، وهو تسعة أشهر، فهذا هو الضبط الذي ذكره أصحاب التجارب.


الصفحة التالية
Icon