وعطف ﴿ وأجل مسمى ﴾ على ﴿ بالحق ﴾، عطفُ الخاص على العام للاهتمام به كعطف جبريل وميكائيل على ملائكته في قوله تعالى :﴿ وملائِكتهِ ورسله وجبريل وميكائيل ﴾ في سورة البقرة ( ٩٨ ) لأن دلالة الحدوث على قبول الفناء دلالة عقلية فهي ممّا يقتضيه الحق، وأن تعرض السماوات والأرض للفناء دليل على وقوع البعث لأن انعدام هذا العالم يقتضي بمقتضى الحكمة أن يخلفه عالم آخر أعظم منه، على سنة تدرج المخلوقات في الكمال، وقد كان ظن الدهريين قدمَ هذا العالم وبقاءَه أكبر شبهة لهم في إنكارهم البعث ﴿ وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيَا وما يُهلكنا إلا الدهر ﴾ [ الجاثية : ٢٤ ].
فالدهر عندهم متصرف وهو باق غير فان، فلو جوزوا فناء هذا العالم لأمكن نزولهم إلى النظر في الأدلة التي تقتضي حياة ثانية.
فجملة ﴿ والذين كفروا عما أنذروا معرضون ﴾ مرتبطة بالاستثناء في قوله :﴿ إلا بالحق ﴾، أي هم معرضون عما أنذروا به من وعيد يوم البعث.
وحذف العائد من الصلة لأنه ضمير منصوب بـ ﴿ أنذروا ﴾.
والتقدير : عما أنذروه معرضون.
ويجوز أن تكون ﴿ ما ﴾ مصدرية فلا يقدر بعدها ضمير.
والتقدير عن إنذارهم معرضون فشمل كل إنذار أنذروه.
وتقديم ﴿ عما أنذروا ﴾ على متعلقه وهو ﴿ معرضون ﴾ للاهتمام بما أنذروا ويتبع ذلك رعاية الفاصلة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢٦ صـ ﴾