ولما كان من عادة الملوك أنه متى كذب عليهم أحد عاجلوه بالعقوبة قال :﴿إن افتريته﴾ أي تعمدت كذبه على زعمكم وأنا إنما أريد به نصيحتكم، فالذي أفتريه عليه وأنسبه إليه يعاقبني على ذلك ولا يتركني أصلاً، وذلك هو معنى قوله :﴿فلا تملكون﴾ أي أيها المنصوحون في وقت من الأوقات بوجه من الوجوه ﴿لي من الله﴾ أي الملك الأعظم العزيز المتكبر الحكيم ﴿شيئاً﴾ مما يرد عني انتقامه مني لأن الملك لا يترك من كذب عليه مطلق كذب، فكيف بمن يتعمد الكذب عليه في الرسالة بأمور عظيمة ويلازمه مساء وصباحاً غدواً ورواحاً، فأي حامل لي حينئذ على افترائه، والمقصود به لا ينفعني، والمكذوب عليه لا يتركني ؛ ثم علل ما أفاده الكلام من وجوب الانتقام بقوله :﴿هو أعلم﴾ أي منكم ومن كل أحد ﴿بما تفيضون فيه﴾ من نسبتي إلى الكذب، فلو أنه كما تقولون ما ناظرني فضلاً عن أنه يؤيدني وينصرني، وفيه على ذلك تهديد لهم وتسلية له وتفريج عنه.


الصفحة التالية
Icon