بوجهٍ من الوجوهِ فهُو بمعزلٍ منْ ذلكَ الاستحقاقِ بالمرَّةِ وإِنْ كانَ منَ الأحياءِ العُقلاءِ فَما ظنُّكم بالجمادِ. وقولُه تعالَى ﴿ ائتونى بكتاب ﴾ الخ. تبكيتٌ لهم بتعجيزِهم عن الإتيانِ بسندٍ نقليَ بعد تبكيتِهم بالتعجيزِ عن الإتيانِ بسندٍ عقليَ أي ائتونِي بكتابٍ إلهيَ كائنٍ ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ الكتابِ أي القُرآنِ الناطقِ بالتَّوحيدِ وإبطالِ الشركِ دالٍ على صحةِ دينِكم ﴿ أَوْ أثارة مّنْ عِلْمٍ ﴾ أو بقيةٍ من علمٍ بقيتْ عليكُم من علومِ الأولينَ شاهدةٍ باستحقاِقهم للعبادِة ﴿ إِن كُنتُمْ صادقين ﴾ في دَعْواكُم فإنَّها لا تكادُ تَصحُّ ما لم يقُم عليها برهانٌ عقليٌّ أو سلطانٌ نقليٌّ، وحيثُ لَم يقُمْ عليها شيءٌ منهُمَا وقد قامتْ على خلافِها أ دلةُ العقلِ والنقلِ تبينَ بطلانُها. وقُرِىءَ إِثَارَةٍ بكسرِ الهمزةِ أي مناظرةٍ فإنها تُثيرُ المعانيَ، وأثَرةٍ أيْ شيءٍ أُوثرتُم بهِ وخُصِصتُم منْ علمٍ مطويَ من غيرِكم، وإثرة بالحركات الثلاث مع سكون الثاء، إما المكسورةُ فبمعنى الأثَرةِ، وأمَّا المفتوحةُ فهي المرةُ من أثرَ الحديثَ أي رَواه، وأمَّا المضمومةُ فاسمُ ما يُؤثرُ كالخُطبةِ التي هي اسمُ ما يُخطبُ بهِ.
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ الله مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ ﴾


الصفحة التالية
Icon