﴿ قُلْ إِنِ افتريته ﴾ على الفرض ﴿ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِى مِنَ الله شَيْئاً ﴾ أي عاجلني الله تعالى بعقوبة الافتراء عليه سبحانه فلا تقدرون على كفه عز وجل عن معالجتي ولا تطيقون دفع شيء من عقابه سبحانه عني فكيف أفتريه وأتعرض لعقابه، فجواب ﴿ إن ﴾ في الحقيقة محذوف وهو عاجلني وما ذكر مسبب عنه أقيم مقامه أو تجوز به عنه ﴿ هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾ بالذي تأخذون فيه من القدح في وحي الله تعالى والطعن في آياته وتسميته سحراً تارة وافتراءً أخرى، واستعمال الإفاضة في الأخذ في الشيء والشروع فيه قولاً كان أو فعلاً مجاز مشهور، وأصلها إسالة الماء يقال : أفاض الماء إذا أساله، وما أشرنا إليه من كون ﴿ مَا ﴾ موصولة وضمير فيه عائد عليه هو الظاهر وجوز كون ﴿ مَا ﴾ مصدرية وضمير ﴿ فِيهِ ﴾ للحق أو للقرآن ﴿ كفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ ﴾ حيث يشهد لي سبحانه بالصدق والبلاغ وعليكم بالكذب والجحود، وهو وعيد بجزاء إفاضتهم في الطعن في الآيات، واستؤنف لأنه في جواب سؤال مقدر، و﴿ بِهِ ﴾ في موضع الفاعل بكفى على أصح الأقوال، و﴿ شَهِيداً ﴾ حال و﴿ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ ﴾ متعلق به أو بكفى ﴿ وَهُوَ الغفور الرحيم ﴾ وعد بالغفران والرحمة لمن تاب وآمن وإشعار بحلم الله تعالى عليهم إذ لم يعاجلهم سبحانه بالعقوبة وأمهلهم ليتداركوا أمورهم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢٦ صـ ﴾