والنفي الذي يقتضيه الاستفهام الانكاري يتسلط على سبب الانكار، أي كون القرآن مفترى وليس متسلطاً على نسبة القول إليهم لأنه صادر منهم وإنما المنفي الافتراء المزعوم.
والضمير المنصوب في ﴿ افتراه ﴾ عائد إلى الحق في قوله :﴿ قال الذين كفروا للحق ﴾ [ الأحقاف : ٧ ]، أو إلى القرآن لعلمه من المقام، أي افترى القرآن فزعم أنه وحي من عند الله.
وقد أمِر الرسول ﷺ بجواب مقالتهم بما يقلعها من جذرها، فكان قوله تعالى :﴿ قل ﴾ جملة جارية مجرى جواب المقاولة لوقوعها في مقابلة حكاية قولهم.
وقد تقدم ذلك في قوله :﴿ قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ﴾ في أوائل سورة البقرة ( ٣٠ ).
وجعل الافتراء مفروضاً بحرف إن } الذي شأنه أن يكون شرطه نادر الوقوع إشارة إلى أنه مفروض في مقام مشتمل على دلائل تقلع الشرط من أصله.
وانتصب ﴿ شيئاً ﴾ على المفعولية لفعل ﴿ تملكون ﴾، أي شيئاً يملك، أي يستطاع، والمراد : شيء من الدّفع فلا تقدرون على أن تردوا عني شيئاً يَرد علي من الله.
وتقدم معنى ( لا أملك شيئاً ) عند قوله تعالى :﴿ قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم ﴾ في سورة العقود ( ١٧ ).
والتقدير : إن افتريته عاقبني الله معاقبة لا تملكون ردها.
فقوله : فلا تملكون لي من الله شيئاً } دليل على الجواب المقدر في الكلام بطريق الالتزام، لأن معنى ﴿ لا تملكون لي ﴾ لا تقدرون على دفع ضر الله عني، فاقتضى أن المعنى : إن افتريته عاقبني الله ولا تستطيعون دفع عقابه.