وذلك هو ما يخوضون فيه من الطعن والقدح والوصف بالسحر أو بالافتراء أو بالجنون، فمَا صْدَقُ ( ما ) الموصولة القرآن الذي دلّ عليه الضمير الظاهر في ﴿ افتراه ﴾ أو الرسول ﷺ الذي دل عليه الضمير المستتر في ﴿ افتراه ﴾ أو مجموع أحوال الرسول ﷺ التي دل عليها مختلف خوضهم.
ومتعلق اسم التفضيل محذوف، أي هو أعلم منكم.
والإفاضة في الحديث : الخوض فيه والإكثار منه وهي منقولة من : فاض الماء ؛ إذا سال.
ومنه حديث مستفيض مشتهر شائع، والمعنى : هو أعلم بحال ما تفيضون فيه.
وجملة ﴿ كفى به شهيداً بيني وبينكم ﴾ بدل اشتمال من جملة ﴿ هو أعلم بما تفيضون فيه ﴾ لأن الاخبار بكونه أعلم منهم بكنه ما يفيضون فيه يشتمل على معنى تفويض الحكم بينه وبينهم إلى الله تعالى.
وهذا تهديد لهم وتحذير من الخوض الباطل ووعيد.
والشهيد : الشاهد، أي المخبر بالواقع.
والمراد به هنا الحَاكم بما يعلمه من حالنا كما دلّ عليه قوله :﴿ بيني وبينكم ﴾ لأن الحكم يكون بين خصمين ولا تكون الشهادة بينهما بل لأحدهما قال تعالى :﴿ وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ﴾ [ النساء : ٤١ ].
وإجراء وصفي ﴿ الغفور الرحيم ﴾ عليه تعالى اقتضاه ما تضمنه قوله :﴿ كفى به شهيداً بيني وبينكم ﴾ من التهديد والوعيد، وهو تعريض بطلب الإقلاع عما هم فيه من الخوض بالباطل. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢٦ صـ ﴾