" كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " معناه - والله أعلم - أن يبتدع ما يخالف السنة إذ كانت البدعة ضد السنة، فإذا أحدث ما يخالفها كان بإحداثه لها ضالاً مشركاً، وكان من أحدث في النار، ولم يدخل تحت هذا ما يخترع الإنسان من أفعال البر يسمى بدعة لعدم فعله قبل ذلك فيخرج عما ذكرنا إن كان له نظير في الأصول، وهو الحض على كل أفعال البر ما علم منها وما لم يعلم، فإن أحدث محدث من ذلك شيئاً فكأنه زيادة فيما تقدم من البر وليس بضد لما تقدمه من السنة، بل هو باب من أبوابها، ويقولون : ما فلان ببدع في هذا الأمر أي ليس هو بأول من أصابه ذلك ولكن سبقه غيره أيضاً، قال الشاعر :
ولست ببدع من النائبات...
ونقض الخطوب وإمرارها
ويقال : أبدع بالرجل - إذا كلت راحلته، وأبدعت الركاب إذا كلت وعطبت، وقيل : كل من عطبت ركابه فانقطع به فقد أبدع به، وقال في القاموس : والبدعة الحدث في الدين بعد الإكمال أو ما استحدث بعده ـ ﷺ ـ من الأهواء والأعمال، وأبدع بالرجل : عطبت ركابه، وبقي منقطعاً به، وأبدع فلان بفلان : قطع به وخذله، ولم يقم بحاجته، وحجته بطلت، وقال الصغاني في مجمع البحرين : وشيء بدع - بالكسر أي مبتدع، وفلان بدع في هذا الأمر أي بديع، وقوم أبداع، عن الأخفش : والبديع المبتدع والبديع المبتدع أيضاً، وأبدعت حجة فلان - إذا بطلت وأبدعت : أبطلت - يتعدى ولا يتعدى.


الصفحة التالية