المذكورة ولا حاجة ألبتة إلى تخصيص اللفظ المطلق بشخص معين، قال صاحب "الكشاف" : قرىء ﴿أُفّ﴾ بالفتح والكسر بغير تنوين، وبالحركات الثلاث مع التنوين، وهو صوت إذا صوت به الإنسان علم أنه متضجر، كما إذا قال حس، علم أنه متوجع، واللام للبيان معناه هذا التأفيف لكما خاصة، ولأجلكما دون غيركما، وقرىء ﴿أَتَعِدَانِنِي﴾ بنونين، وأتعداني بأحدهما وأتعداني بالإدغام، وقرأ بعضهم : أتعدانني بفتح النون كأنه استثقل اجتماع النونين والكسرين والياء، ففتح الأولى تحرياً للتخفيف كما تحراه من أدغم ومن طرح أحدهما.
ثم قال :﴿أَنْ أُخْرِجْ﴾ أي أن أبعث وأخرج من الأرض، وقرىء ﴿أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ القرون مِن قَبْلِي﴾ يعني ولم يبعث منهم أحد.
ثم قال :﴿وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ الله﴾ أي الوالدان يستغيثان الله، فإن قالوا : كان الواجب أن يقال يستغيثان بالله ؟ قلنا الجواب : من وجهين الأول : أن المعنى أنهما يستغيثان الله من كفره وإنكاره، فلما حذف الجار وصل الفعل الثاني : يجوز أن يقال الباء حذف، لأنه أريد بالاستغاثة ههنا الدعاء على ما قاله المفسرون ﴿يدعون الله﴾ فلما أريد بالاستغاثة الدعاء حذف الجار، لأن الدعاء لا يقتضيه، وقوله ﴿وَيْلَكَ﴾ أي يقولان له ويلك ﴿آمِنْ﴾ وصدق بالبعث وهو دعاء عليه بالثبور، والمراد به الحث، والتحريض على الإيمان لا حقيقة الهلاك.
ثم قال :﴿إِنَّ وَعْدَ الله﴾ بالبعث ﴿حق فيقول﴾ لهما ﴿ما هذا﴾ الذي تقولان من أمر البعث وتدعوانني إليه ﴿إِلاَّ أساطير الأولين ﴾.


الصفحة التالية
Icon