ولما كان سبحانه يعلم مثاقيل الذر وما دونها وما فوقها ويجعل الجزاء على حسبها في المقدار والشبه والجنس والنوع والشخص حتى يكاد يظن العامل أن الجزاء هو العمل قال :﴿أعمالهم﴾ أي جزاءها من خير وشر وجنة ونار - وهذا ظاهر، أو نص في أن الجن يثابون بالإحسان كما يعاقبون بالعصيان، وسورة الرحمن كلها خطاب للثقلين بالثواب لأهل الطاعة، والعقاب لأهل المعصية من كل من القبيلتين ؛ كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه، ويجزى مطيعهم بالثواب كما يجازى عاصيهم بالعقاب - قاله مالك وابن أبي ليلى والضحاك وغيرهم كما نقله البغوي ﴿وهم﴾ أي والحال أنهم ﴿لا يظلمون﴾ أي لا يتجدد لهم شىء من ظالم ما من ظلم في جزاء أعمالهم بزيادة في عقاب أو نقص من ثواب، بل الرحمانية كما كانت لهم في الدنيا فهي لهم في الآخرة فلا يظلم ربك أحداً بأن يعذبه فوق ما يستحقه من العقاب، أو ينقصه عما يستأهل من الثواب.


الصفحة التالية
Icon