﴿ حملته أمه كرهاً ﴾ : لبس الكره في أول علوقها، بل في ثاني استمرار الحمل، إذ لا تدبير لها في حمله ولا تركه.
انتهى.
ولا يلحقها كره إذ ذاك، فهذا احتمال بعيد.
وقال مجاهد، والحسن، وقتادة : المعنى حملته مشقة، ووضعته مشقة.
وقرأ الجمهور : بضم الكاف ؛ وشيبة، وأبو جعفر، والأعرج، والحرميان، وأبو عمرو : بالفتح ؛ وبهما معاً : أبو رجاء، ومجاهد، وعيسى ؛ والضم والفتح لغتان بمعنى واحد، كالعقر والعقر.
وقالت فرقة : بالضم المشقة، وبالفتح الغلبة والقهر، وضعفوا قراءة الفتح.
وقال بعضهم : لو كان بالفتح، لرمت به عن نفسها إذ معناه : القهر والغلبة. انتهى.
وهذا ليس بشيء، إذ قراءة الفتح في السبعة المتواترة.
وقال أبو حاتم : القراءة بفتح الكاف لا تحسن، لأن الكره بالفتح، النصب والغلبة. انتهى.
وكان أبو حاتم يطعن في بعض القرآن بما لا علم له به جسارة منه، عفا الله عنه، وانتصابهما على الحال من ضمير الفاعل، أي حملته ذات كره، أو على أنه نعت لمصدر محذوف، أي حملاً ذاكره.
﴿ وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ﴾ : أي ومدة حمله وفصاله، وهذا لا يكون إلا بأن يكون أحد الطرفين ناقصاً ؛ إما بأن تلد المرأة لستة أشهر وترضع عامين، وإما أن تلد لتسعة أشهر على العرف وترضع عامين غير ربع عام.
فإن زادت مدة الحمل، نقصت مدة الرضاع.
فمدة الرضاع عام وتسعة أشهر، وإكمال العامين لمن أراد أن يتم الرضاعة.
وقد كشفت التجربة أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، كنص القرآن.
وقال جالينوس : كنت شديد الفحص عن مقدر زمن الحمل، فرأيت امرأة ولدت لمائة وأربع وثمانين ليلة.
وزعم ابن سينا أنه شاهد ذلك ؛ وأما أكثر الحمل فليس في القرآن ما يدل عليه.
قال ابن سينا في الشفاء : بلغني من جهة من أثق به كل الثقة، أن امرأة وضعت بعد الرابع من سني الحمل، ولدت ولداً نبتت أسنانه.