﴿ أولئك ﴾ القائلون هذه المقالاتِ الباطلةَ ﴿ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول ﴾ وهو قولُه تعالى لإبليسَ :﴿ لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ كما ينبىءُ عنهُ قولُه تعالى :﴿ فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مّنَ الجن والإنس ﴾ وقدْ مرَّ تفسيرُه في سورةِ الم السجدةُ ﴿ إِنَّهُمْ ﴾ جميعاً ﴿ كَانُواْ خاسرين ﴾ قد ضيَّعُوا فطرتَهُم الأصليةَ الجاريةَ مجرى رؤوسِ أموالِهم باتِّباعِهم الشيطانَ، والجملةُ تعليلٌ للحُكمِ بطريقِ الاستئنافِ التحقيقيِّ. ﴿ وَلِكُلّ ﴾ من الفريقينِ المذكورينِ ﴿ درجات مّمَّا عَمِلُواْ ﴾ مراتبُ من أجزيةِ ما عملوا من الخير والشرِّ. والدرجاتُ غالبةٌ في مراتبِ المَثوبة، وإيرادُها هَهُنا بطريقِ التغليبِ. ﴿ وَلِيُوَفّيَهُمْ أعمالهم ﴾ أي أجزيةَ أعمالِهم. وقُرِىءَ بنونِ العظمةِ. ﴿ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ بنقصِ ثوابِ الأولينَ وزيادةِ عقابِ الآخرينَ. والجملةُ إمَّا حالٌ مؤكدةٌ للتوفية، أو استئنافٌ مقررٌ لها، واللامُ متعلقةٌ بمحذوفٍ مُؤخرٍ كأنَّه قيلَ وليُوفِّيهم أعمالَهُم ولا يظلمَهُم حقوقَهم، فعلَ ما فعل من تقديرِ الأجزيةِ على مقاديرِ أعمالِهم فجعلَ الثوابَ درجاتٍ والعقابَ دركاتٍ. ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ عَلَى النار ﴾ أي يُعذَّبُونَ بَها منْ قولِهم عُرض الأسُارَى على السيفِ أي قُتلوا، وقيل : يُعرض النارُ عليهم بطريقِ القلبِ مبالغةً. ﴿ أَذْهَبْتُمْ طيباتكم ﴾ أي يقالُ لهم ذلكَ وهو الناصبُ للظرفِ. وقُرِىءَ أأْذهبتُم بهمزتينِ وبألفٍ بينَهمَا على الاستفهامِ التوبيخيِّ أي أصبتُم وأخذتُم ما كُتب لكُم من حُظوظِ الدُّنيا ولذائِذها. ﴿ فِى حياتكم الدنيا واستمتعتم بِهَا ﴾ فلم يبقَ لَكُم بعد ذلكَ شيءٌ منَها. ﴿ فاليوم تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهون ﴾ أيْ الهوانِ. وقد قُرِىءَ كذلكَ. ﴿ بِمَا كُنتُمْ ﴾ في الدُّنيا { تَسْتَكْبِرُونَ فِى


الصفحة التالية
Icon