وقال الآلوسى :
﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾
﴿ وَلِكُلّ ﴾ من الفريقين المذكورين في قوله تعالى :﴿ أُوْلَئِكَ الذين نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ ﴾ [ الأحقاف : ١٦ ] وفي قوله سبحانه :﴿ أُوْلَئِكَ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول ﴾ [ الأحقاف : ١٨ ] وإن شئت فقل في ﴿ الذين قالوا ربنا الله ﴾ [ الأحقاف : ١٣ ] و﴿ الذي قال لوالديه أف ﴾ [ الأحقاف : ١٧ ] ﴿ درجات مّمَّا عَمِلُواْ ﴾ أي من جزاء ما عملوا، فالكلام بتقدير مضاف، والجار والمجرور صفة ﴿ درجات ﴾ و﴿ مِنْ ﴾ بيانية أو ابتدائية و﴿ مَا ﴾ موصولة أي من الذي عملوه من الخير والشر أو مصدرية أي من عملهم الخير والشر، ويجوز أن تكون ﴿ مِنْ ﴾ تعليلية بدون تقدير مضاف والجار والمجرور كما تقدم.
والدرجات جمع درجة وهي نحو المنزلة لكن يقال للمنزلة درجة إذا اعتبرت بالصعود ودركاً إذا اعتبرت بالحدور، ولهذا قيل : درجات الجنة ودركات النار.
والتعبير بالدرجات كما قال غير واحد على وجه التغليب لاشتمال ﴿ كُلٌّ ﴾ على الفريقين أي لكل منازل ومراتب سواء كانت درجات أو دركات، وإنما غلب أصحاب الدرجات لأنهم الأحقاء به لا سيما، وقد ذكر جزاؤهم مراراً وجزاء المقابل مرة ﴿ وَلِيُوَفّيَهُمْ أعمالهم ﴾ أي جزاء أعمالهم والفاعل ضميره تعالى.
وقرأ الأعمش.
والأعرج.
وشيبة.
وأبو جعفر.
والأخوان.
وابن ذكوان.
ونافع بخلاف عنه ﴿ لنوفيهم ﴾ بنون العظمة، وقرأ السلمي بتاء فوقية على الإسناد للدرجات مجازاً ﴿ كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ بنقص ثواب وزيادة عقاب، وقد مر الكلام في مثله غير مرة، والجملة حال مؤكدة للتوفية أو استئناف مقرر لها، واللام متعلقة بمحذوف مؤخر كأنه قيل : وليوفيهم أعمالهم ولا يظلمهم فعل ما فعل من تقدير إلا جزية على مقادير أعمالهم فجعل الثواب درجات والعقاب دركات.
﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ عَلَى النار ﴾