وقال الرازي : معناه يستغيثان بالله من كفره، فلما حذف الجار وصل الفعل، وقيل : الاستغاثة : الدعاء، فلا حاجة إلى الباء.
قال الفراء : يقال : أجاب الله دعاءه وغواثه، وقوله :﴿ وَيْلَكَ ﴾ هو بتقدير القول، أي : يقولان له : ويلك، وليس المراد به : الدعاء عليه، بل الحثّ له على الإيمان، ولهذا قالا له :﴿ آمن إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ ﴾ أي : آمن بالبعث إن وعد الله حقّ لا خلف فيه ﴿ فَيَقُولُ ﴾ عند ذلك مكذباً لما قالاه :﴿ مَا هذا إِلاَّ أساطير الأولين ﴾ أي : ما هذا الذي تقولانه من البعث إلاّ أحاديث الأوّلين، وأباطيلهم التي سطّروها في الكتب.
قرأ الجمهور :﴿ إن وعد الله ﴾ بكسر إن على الاستئناف، أو التعليل، وقرأ عمر بن فايد والأعرج بفتحها، على أنها معمولة لآمن بتقدير الباء، أي : آمن بأن وعد الله بالبعث حقّ ﴿ أُوْلَئِكَ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول ﴾ أي : أولئك القائلون هذه المقالات هم الذين حقّ عليهم القول، أي : وجب عليهم العذاب بقوله سبحانه لإبليس :
﴿ لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ ص : ٨٥ ] كما يفيده قوله :﴿ فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مّنَ الجن والإنس ﴾، وجملة :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ خاسرين ﴾ تعليل لما قبله، وهذا يدفع كون سبب نزول الآية عبد الرحمن بن أبي بكر، وأنه الذي قال لوالديه ما قال، فإنه من أفاضل المؤمنين، وليس ممن حقت عليه كلمة العذاب، وسيأتي بيان سبب النزول في آخر البحث إن شاء الله.
﴿ وَلِكُلّ درجات مّمَّا عَمِلُواْ ﴾ أي : لكلّ فريق من الفريقين المؤمنين، والكافرين من الجنّ والإنس مراتب عند الله يوم القيامة بأعمالهم.
قال ابن زيد : درجات أهل النار في هذه الآية تذهب سفلاً، ودرجات أهل الجنة تذهب علوًّا ﴿ وَلِيُوَفّيَهُمْ أعمالهم ﴾ أي : جزاء أعمالهم.
قرأ الجمهور :( لنوفيهم ) بالنون.


الصفحة التالية
Icon