فقوله يعرضون على النار : قال بعض العلماء : معناه يباشرون حرها كقول العرب : عرضهم على السيف إذا قتلهم به، وهو معنى معروف في كلام العرب.
وقد ذكر تعالى مثل ما ذكر هنا في قوله :﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ على النار أَلَيْسَ هذا بالحق ﴾ [ الأحقاف : ٣٤ ] وهذا يدل على أن المراد بالعرض مباشرة العذاب لقوله :﴿ قَالُواْ بلى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العذاب بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ [ الأحقاف : ٣٤ ]. وقوله تعالى :﴿ فَوقَاهُ الله سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سواء العذاب النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً ﴾ [ غافر : ٤٥ - ٤٦ ] لأنه عرض عذاب.
وقال بعض العلماء : معنى عرضهم على النار هو تقريبهم منها، والكشف لهم عنها، حتى يروها كما قال تعالى :﴿ وَرَأَى المجرمون النار ﴾ [ الكهف : ٥٣ ] الآية. وقال تعالى :﴿ وجياء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ﴾ [ الفجر : ٢٣ ].
وقال بعض العلماء : فى الكلام قلب، وهو مروي عن ابن عباس وغيره.
قالوا : والمعنى ويوم تعرض النار على الذين كفروا قالوا وهو كقول العرب : عرضت الناقة على الحوض. يعنون عرضت الحوض على الناقة، ويدل لهذا قوله تعالى :﴿ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً ﴾ [ الكهف : ١٠٠ ].
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له.
هذا النوع الذي ذكروه من القلب فى الآية، كقلب الفاعل مفعولاً، والمفعول فاعلاً، ونحو ذلك اختلف فيه علماء العربية، فمنعه البلاغيون إلا في التشبي، فأجازوا قلب المشبه مشبهاً به والمشبه به مشبهاً بشرط أن يتضمن ذلك نكتة وسراً لطيفاً كما هو المعروف عندهم فى مبحث التشبية المقلوب.
وأجازه كثير من علماء العربية.
والذي يظهر لنا أنه أسلوب عربي نطقت به العرب فى لغتها، إلا أنه يحفظ ما سمع منه، ولا يقاس عليه ومن أمثلته في التشبيه قول الراجز :
ومنهل مغبرة أرجاؤه... كأن لو أرضه سماؤه