و ( أن ) تفسيرية لأن ﴿ أنذر ﴾ فيه معنى القول دون حروفه.
ومعنى ﴿ خلت النذر ﴾ سبقت النذر أي نذر رسل آخرين.
والنذر : جمع نِذارة بكسر النون.
و﴿ من بين يديه ومن خلفه ﴾ بمعنى قريباً من زمانه وبعيداً عنه، ف ﴿ مِن بين يديه ﴾ معناه القرب كما في قوله تعالى :﴿ إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد ﴾ [ سبأ : ٤٦ ]، أي قبل العذاب قريباً منه قال تعالى :﴿ وقروناً بين ذلك كثيراً ﴾ [ الفرقان : ٣٨ ]، وقال ﴿ ورسلاً لم نقصصهم عليك ﴾ [ النساء : ١٦٤ ].
وأما الذي من خلفه فنوح فقد قال هود لقومه ﴿ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ﴾ [ الأعراف : ٦٩ ]، وهذا مراعاة للحالة المقصود تمثيلها فهو ناظر إلى قوله تعالى :﴿ قل ما كنت بِدْعا من الرسل ﴾ [ الأحقاف : ٩ ] أي قد خلت من قبله رسل مثل ما خلت بتلك.
وجملة ﴿ إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ﴾ تعليل للنهي في قوله :﴿ أن لا تعبدوا إلا الله ﴾، أي إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم بسبب شرككم.
وعذاب اليوم العظيم يحتمل الوعيد بعذاب يوم القيامة وبعذاب يوم الاستئصال في الدنيا، وهو الذي عجّل لهم.
ووصف اليوم بالعظم باعتبار ما يحدث فيه من الأحداث العظيمة، فالوصف مجاز عقلي.
قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٢)
جواب عن قوله :﴿ أن لا تعبدوا إلا الله ﴾ [ الأحقاف : ٢١ ]، ولذلك جاء فعل ﴿ قالوا ﴾ مفصولاً على طريق المحاورة.
والاستفهام إنكار.
والمجيء مستعار للقصد بطلب أمر عظيم، شبه طروّ الدعوة بعد أن لم يكن يدعو بها بمجيء جاء لم يكن في ذلك المكان.
والأفك بفتح الهمزة : الصرَّف، وأرادوا به معنى الترك، أي لنترك عبادة آلهتنا.
وهذا الإنكار تعريض بالتكذيب فلذلك فرع عليه ﴿ فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ فصرحوا بتكذيبه بطريق المفهوم.


الصفحة التالية
Icon