روي أن الريح كانت تحمل الفسطاط فترفعها في الجو حتى يرى كأنها جرادة، وقيل أول من أبصر العذاب امرأة منهم قالت رأيت ريحاً فيها كشهب النار، وروي أن أول ما عرفوا به أنه عذاب أليم، أنهم رأوا ما كان في الصحراء من رجالهم ومواشيهم يطير به الريح بين السماء والأرض فدخلوا بيوتهم وغلقوا أبوابهم فعلقت الريح الأبواب وصرعتهم، وأحال الله عليهم الأحقاف، فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام لهم أنين، ثم كشفت الريح عنهم فاحتملتهم فطرحتهم في البحر، وروي أن هوداً لما أحس بالريح خط على نفسه وعلى المؤمنين خطاً إلى جنب عين تنبع فكانت الريح التي تصيبهم ريحاً لينة هادئة طيبة، والريح التي تصيب قوم عاد ترفعهم من الأرض وتطيرهم إلى السماء وتضربهم على الأرض، وأثر المعجزة إنما ظهر في تلك الريح من هذا الوجه، وعن النبي ﷺ أنه قال :" ما أمر الله خازن الرياح أن يرسل على عاد إلا مثل مقدار الخاتم "
ثم إن ذلك القدر أهلكهم بكليتهم، والمقصود من هذا الكلام إظهار كمال قدرة الله تعالى، وعن النبي ﷺ أنه كان إذا رأى الريح فزع وقال :" اللّهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها ومن شر ما أرسلت به "
المسألة الثالثة :
قرأ عاصم وحمزة ﴿لاَ يرى﴾ بالياء وضمها ﴿مساكنهم﴾ بضم النون، قال الكسائي معناه لا يرى شيء إلا مساكنهم، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والكسائي ﴿لاَّ ترى﴾ على الخطاب أي لا ترى أنت أيها المخاطب، وفي بعض الروايات عن عاصم ﴿لاَّ ترى﴾ بالتاء ﴿مساكنهم﴾ بضم النون وهي قراءة الحسن والتأويل لا ترى من بقايا عاد أشياء إلا مساكنهم.
وقال الجمهور هذه القراءة ليست بالقوية.


الصفحة التالية
Icon