والدليل عليه قراءة من قرأ "قال هود بل هو" وقرىء "قُلْ بَلْ مَا استعجلتم بِهِ هِيَ رِيحٌ" أي قال الله : قل بل هو ما استعجلتم به ؛ يعني قولهم :"فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا" ثم بين ما هو فقال :﴿ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ والريح التي عذبوا بها نشأت من ذلك السحاب الذي رأوه، وخرج هود من بين أظهرهم، فجعلت تحمل الفساطيط وتحمل الظَّعِينة فترفعها كأنها جرادة، ثم تضرب بها الصخور.
قال ابن عباس : أوّل ما رأوا العارض قاموا فمدّوا أيديهم، فأوّل ما عرفوا أنه عذاب رأوا ما كان خارجاً من ديارهم من الرجال والمواشي تطير بهم الريح ما بين السماء والأرض مثل الريش، فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم، فقلعت الريح الأبواب وصرعتهم، وأمر الله الريح فأمالت عليهم الرمال، فكانوا تحت الرمال سبع ليال وثمانية أيام حسوماً، ولهم أنين ؛ ثم أمر الله الريح فكشفت عنهم الرمال واحتملتهم فرمتهم في البحر ؛ فهي التي قال الله تعالى فيها :﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ﴾ أي كل شيء مرت عليه من رجال عادٍ وأموالها.
قال ابن عباس : أي كل شيء بُعثت إليه، والتدمير : الهلاك.
وكذلك الدمار.
وقرىء "يَدْمُرُ كُلّ شَيْء" من دَمَر دماراً.
يقال : دَمره تدميراً ودماراً ودَمّر عليه بمعنًى.
ودَمَر يَدْمُر دُموراً دخل بغير إذن.
وفي الحديث :" من سبق طَرْفُه استئذانه فقد دَمَر " مخفف الميم.
وتَدْمُر : بلد بالشام.
ويَرْبُوع تَدْمُرِيّ إذا كان صغيراً قصيراً.
﴿ بِأَمْرِ رَبِّهَا ﴾ بإذن ربها.
وفي البخاري " عن عائشة رضي الله عنها زوج النبيّ ﷺ قالت : ما رأيت رسول الله ﷺ ضاحكاً حتى أرى منه لَهَواتِه إنما كان يتبسم.
قالت : وكان إذا رأى غَيْماً أو رِيحاً عُرف في وجهه.


الصفحة التالية