وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
ثم أمر تعالى نبيه بذكر هود وقومه عاد على جهة المثال لقريش، وهذه الأخوة هي أخوة القرابة، لأن هوداً كان من أشراف القبيلة التي هي عاد.
واختلف الناس في هذه " الأحقاف " أين كانت؟ فقال ابن عباس والضحاك : هي جبل بالشام، وقيل كانت بلاد نخيل، وقيل هي الرمال بين مهرة وعدن. وقال ابن عباس أيضاً : بين عمان ومهرة. وقال قتادة : هي بلاد الشحر المواصلة للبحر اليماني وقال ابن إسحاق هي بين حضرموت وعمان، والصحيح من الأقوال : أن بلاد عاد كانت باليمن ولهم كانت إرم ذات العماد. و" الأحقاف " : جمع حقف، وهو الجبل المستطيل والمعوجّ من الرمل. ( قال الخليل : هي الرمال الأحقاف ) وكثيراً ما تحدث هذه الأحقاف في بلاد الرمل في الصحارى، لأن الريح تصنع ذلك.
وقوله تعالى :﴿ وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ﴾ اعتراض مؤكد مقيم للحجة أثناء قصة هود، لأن قوله :﴿ ألا تعبدوا إلا الله ﴾ هو من نذارة هود. و: ﴿ خلت ﴾ معناه : مضت إلى الخلاء ومرت أزمانها. وفي مصحف عبد الله :" وقد خلت النذر من قبله وبعده ". وروي أن فيه :" وقد خلت النذر من بين يديه ومن بعده ". و﴿ النذر ﴾ : جمع نذير بناء اسم فاعل. وقولهم :﴿ لتأفكنا ﴾ معناه : لتصرفنا. وقولهم :﴿ فأتنا بما تعدنا ﴾ تصميم على التكذيب وتعجيز منهم له في زعمهم.
قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (٢٣)
المعنى قال لهم هود : إن هذا الوعيد ليس من قبلي، وإنما الأمر إلى الله وعلم وقته عنده، وإنما عليَّ أن أبلغ فقط.
وقرأ جمهور الناس :" وأبَلّغكم " بفتح الباء وشد اللام. قال أبو حاتم : وقرأ أبو عمرو في كل القرآن بسكون الباء وتخفيف اللام.