ولما دل الكتاب والسنة كما قدمته في سورتي الأنعام والفرقان على عموم الرسالة، وكان التارك لإجابة من عمت رسالته عاصياً مستحقاً للعذاب، عبر عن عذابه، بما دل على تحتمه فقال تعالى :﴿فليس بمعجز﴾ أي لما يقضي به عليه ﴿في الأرض﴾ فإنه آية سلك فيها فهو في ملكه وملكه وقدرته محيطة به ﴿وليس له من دونه﴾ أي الله الذي لا يجير إلا هو ﴿أولياء﴾ يفعلون لأجله ما يفعل القريب مع قريبه من الذب عنه والاستشفاع له والافتداء والمناصبة لأجله.
ولما انتفى عنه الخلاص من كل وجه، وكان ذلك لا يختلف سواء كان العاصي واحداً أو أكثر، أنتج قوله سبحانه وتعالى معبراً بالجمع لأنه أدل على القدرة ودلالة على أن العصاة كثيرة لملاءمة المعاصي لأكثر الطبائع :﴿أولئك﴾ أي البعيدون من كل خير ﴿في ضلال مبين﴾ أي ظاهر في نفسه أنه ضلال، مظهر لكل أحد قبح إحاطتهم به، قال القشيري : ويقال : الإجابة على ضربين : إجابة الله، وإجابة الداعي، فإجابة الداعي بشهود الواسطة وهو الرسول ـ ﷺ ـ، وإجابة الله بالجهر إذا بلغت المدعو رسالته ـ ﷺ ـ على لسان السفير، وبالسر إذا حصلت التعريفات من الواردات على القلب، فمستجيب بنفسه، ومستجيب بقلبه، و مستجيب بروحه، ومستجيب بسره، ومن توقف عن دعاء الداعي إياه هجر فما كان يخاطب به. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٧ صـ ١٤٠ ـ ١٤٣﴾


الصفحة التالية
Icon