وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
وقوله تعالى :﴿ وإذا صرفنا إليك نفراً من الجن ﴾
ابتداء قصة الجن ووفادتهم على النبي صلى الله عليه وسلم. و: ﴿ صرفنا ﴾ معناه : رددناهم عن حال ما، يحتمل أنها الاستماع في السماء، ويحتمل أن يكون كفرهم قبل الوفادة وهذا بحسب الاختلاف هنا هل هم الوفد أو المتجسسون، وروي أن الجن كانت قبل مبعث النبي عليه السلام تسترق السمع من السماء، فلما بعث محمد عليه السلام حرست بالشهب الراجمة، فضاقت الجن ذرعاً بذلك، فاجتمعت وأتى رأي ملئهم على الافتراق في أقطار الأرض وطلب السبب الموجب لهذا الرجم والمنع من استراق السمع ففعلوا ذلك. واختلف الرواة بعد فقالت فرقة : جاءت طائفة من الجن إلى النبي عليه السلام وهو لا يشعر، فسمعوا القرآن وولوا إلى قومهم منذرين، ولم يعرف النبي بشيء من ذلك حتى عرفه الله بذلك كله، وكان سماعهم لقرآنه وهو بنخلة عند سوق عكاظ، وهو يقرأ في صلاة الفجر.
وقالت فرقة : بل أشعره الله بوفادة الجن عليه واستعد لذلك، ووفد عليه أهل نصيبين منهم.
قال القاضي أبو محمد : والتحرير في هذا أن النبي ﷺ جاءه جن دون أن يعرف بهم، وهم المتفرقون من أجل الرجم، وهذا هو قوله تعالى :﴿ قل أوحي إلي ﴾ [ الجن : ١ ] ثم بعد ذلك وفد عليه وفد، وهو المذكور صرفه في هذه الآية. قال قتادة : صرفوا إليه من نينوى، أشعر به قبل وروده. وقال الحسن : لم يشعر.


الصفحة التالية
Icon