والحديث عن المنافقين في هذه السورة يحمل ظلالها. ظلال الهجوم والقتال، منذ أول إشارة. فهو يصور تلهيهم عن حديث رسول الله، وغيبة وعيهم واهتمامهم في مجلسه ; ويعقب عليه بما يدمغهم بالضلال والهوى:(ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم: ماذا قال آنفا ؟ أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم)..
ويهددهم بالساعة يوم لا يستطيعون الصحو ولا يملكون التذكر:(فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة ؟ فقد جاء أشراطها. فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ؟)..
ثم يصور هلعهم وجبنهم وتهافتهم إذا ووجهوا بالقرآن يكلفهم القتال - وهم يتظاهرون بالإيمان - والفارق بينهم يومئذ وبين المؤمنين الصادقين: (ويقول الذين آمنوا: لولا نزلت سورة ! فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت !).
ويحثهم على الطاعة والصدق والثبات. ويرذل اتجاهاتهم، ويعلن عليهم الحرب والطرد واللعن: (فأولى لهم طاعة وقول معروف. فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم. فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ؟ أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)..


الصفحة التالية
Icon