تشير هذه الآية الكريمة إلى حث المسلمين على القتال لما فيه من إعلاء شأنهم وعظمة شوكتهم، وأن لا يميلوا إلى قبول فداء الأسرى إلّا بعد الإثخان في القتل من العدو، ولهذا عاقبهم اللّه تعالى على قبول الفداء في أسرى بدر، كما مر في الآية ٦٨ من سورة الأنفال وسبب نزولها على ما قاله ابن عباس، هو أنه لما كثر المسلمون واشتد سلطانهم أنزلها وهو الصّحيح لما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال بعث النّبي صلى اللّه عليه وسلم خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة أتال، فربطوه في سارية من سواري المسجد، فخرج إليه النّبي صلى اللّه عليه وسلم فقال عندك يا ثمامة ؟ فقال عندي خير يا محمد، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فاسأل تعط منه ما شئت، فتركه النّبي صلى اللّه عليه وسلم حتى إذا كان من الغد قال ما عندك يا ثمامة ؟ قال ما قلت لك (وكرر الألفاظ) بعينها فقال صلى اللّه عليه وسلم أطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأشهد أن محمدا رسول اللّه، أو قال عبده ورسوله، واللّه ما كان على وجه الأرض أبغض إلي من وجهك فقد أصبح
وجهك أحب الوجوه إليّ، واللّه ما كان دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب الدّين كله إلي، واللّه ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى ؟ فبشره النبي صلى اللّه عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل أصبوت ؟ قال لا، ولكن أسلمت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واللّه لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.