باله عليها، أي من يمسك ماله فلم ينفنه في طرقه المشروعة، ولهذا عدّي الفعل بعن، ولا شك أن البخل خطة ذميمة موجبة للخزي والعار بالدنيا والعذاب والنّار في الآخرة، حتى أن العقلاء حذروا مخالطة البخيل ومشورته، فقالوا لا تدخلن في مشورتك بخيلا فإنه يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر. - راجع الآية ٢٦٥ من البقرة المارة قالوا ولا جبانا فإنه يضعفك عن الإقدام، ولا حريصا فإنه يزين لك الشّره فالبخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظّن باللّه، أجارنا اللّه منها "وَاللَّهُ الْغَنِيُّ" عنا وعن صدقاتنا، وإنما أمرنا بالإنفاق لما فيه من النّفع لنا في الدّنيا والآخرة "وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ" المحتاجون إلى ربكم أيها النّاس في كلّ أحوالكم، فإن فعلتم ما أمركم به نجوتم وكان خيرا لكم "وَإِنْ تَتَوَلَّوْا" وتعرضوا عن الإنفاق بالكلية وعن طاعة اللّه ورسوله، فلا تفعلوا ما يأمركم به ولا تجتنبوا ما ينهاكم عنه "يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ" يطيعونه ويأتمرون بأمره وينتهون عما ينهاهم عنه "ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ ٢٨" بالبخل وغيره من عدم الامتثال في أمر الجهاد ومخالفة الرّسول فيها يأمركم وينهاكم.
أخرج الترمذي عن أبي هريرة قال
قال ناس من أصحاب رسول اللّه يا رسول اللّه من هؤلاء الّذين ذكر اللّه عز وجل إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالها ؟ قال وكان سلمان بجنب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فضرب رسول اللّه فخذ سلمان فقال هذا وأصحابه والذي نفسي بيده لو كان الإيمان متوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس - وفي رواية من هؤلاء وكان واضعا يده على سلمان رضي اللّه عنه - وهذا الحديث مكتوب على باب ضريح الإمام الأعظم أبي حنيفة النّعمان بن ثابت رضي اللّه عنه دفين بغداد إعلاما بأنه من أصحاب سلمان - أخرجاه في الصّحيحين -.