في الصد وجهان أحدهما : صدوا أنفسهم معناه أنهم صدوا أنفسهم عن السبيل ومنعوا عقولهم من اتباع الدليل وثانيهما : صدوا غيرهم ومنعوهم كما قال تعالى عن المستضعفين ﴿يَقُولُ الذين استضعفوا لِلَّذِينَ استكبروا لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ﴾ [ سبأ : ٣١ ] وعلى هذا بحث : وهو أن إضلال الأعمال مرتب على الكفر والصد، والمستضعفون لم يصدوا فلا يضل أعمالهم، فنقول التخصيص بالذكر لا يدل على نفي ما عداه، ولا سيما إذا كان المذكور أولى بالذكر من غيره وههنا الكافر الصاد أدخل في الفساد فصار هو أولى بالذكر أو نقول كل من كفر صار صاداً لغيره، أما المستكبر فظاهر، وأما المستضعف فلأنه بمتابعته أثبت للمستكبر ما يمنعه من اتباع الرسول فإنه بعد ما يكون متبوعاً يشق عليه بأن يصير تابعاً، ولأن كل من كفر صار صاداً لمن بعده لأن عادة الكفار اتباع المتقدم كما قال عنهم ﴿إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على آثارهم مُهْتَدُونَ﴾ [ الزخرف : ٢٢ ] أو مقتدون، فإن قيل فعلى هذا كل كافر صاد فما الفائدة في ذكر الصد بعد الكفر نقول هو من باب ذكر السبب وعطف المسبب عليه تقول أكلت كثيراً وشبعت، والكفر على هذا سبب الصد، ثم إذا قلنا بأن المراد منه أنهم صدوا أنفسهم ففيه إشارة إلى أن ما في الأنفس من الفطرة كان داعياً إلى الإيمان، والامتناع لمانع وهو الصد لنفسه.
المسألة الثالثة :
في المصدود عنه وجوه الأول : عن الإنفاق على محمد عليه السلام وأصحابه الثاني : عن الجهاد الثالث : عن الإيمان الرابع : عن كل ما فيه طاعة الله تعالى وهو اتباع محمد عليه السلام، وذلك لأن النبي ﷺ على الصراط المستقيم هاد إليه، وهو صراط الله قال تعالى :
﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ * صراط الله﴾ [ الشورى : ٥٢، ٥٣ ] فمن منع من اتباع محمد عليه السلام فقد صد عن سبيل الله.
المسألة الرابعة :


الصفحة التالية
Icon