ولما كان النصر قد يكون مع العجز والكسل والجبن والفشل بين أنه يحميهم من ذلك فقال :﴿ويثبت أقدامكم﴾ أي تثبيتاً عظيماً بأن يملأ قلوبكم سكينة واطمئناناً وأبدانكم قوة وشجاعة في حال القتل ووقت البحث والجدال، وعند مباشر جميع الأعمال، فتكونوا عالين قاهرين في غاية ما يكون من طيب النفوس وانشراح الصدور ثقة بالله واعتزازاً به وإن تملأ عليكم أهل الأرض.
ولما ذكر أهل الإيمان، بين ما لأهل الكفران، فقال سبحانه :﴿والذين كفروا﴾ أي ستروا ما دل عليه العقل وقادت إليه الفطر الأولى، وبين أن سوء أعمالهم أسباب وبالهم بالفاء.
فقال مؤكداً بجعل الخبر مفعولاً مطلقاً لأجل استبعادهم بما لهم من القوة بكثرة العدد والملاءة بالعدد :﴿فتعساً﴾ أي فقد عثروا فيقال لهم ما يقال للعاثر الذي يراد أنه لا يقوم : تعساً لا قيام معه، كما يقال لمن عثر وأريد قيامه : تعساً لك، والمراد بالتعس الانحطاط والسفول والهوان والقلق.
ولما كان كأنه قيل : لمن هذا؟ قيل :﴿لهم﴾ فلا يكادون يثبتون في قتال لمن صلحت من الأعمال.
ولما كان الإنسان قد يعثر ويقع ويقال له : تعساً، ويقوم بعد ذلك، ولا يبطل عمله، بين أن قوله ليس كذلك، بل مهما قاله كان لا يتخلف أصلاً، فقال معبراً بالماضي إشارة إلى التحتم فيه، وأما الاستقبال فربما تاب على بعضهم فيه عاطفاً على ما تقديره فقال تعالى لهم ذلك :﴿وأضل أعمالهم﴾ وإن كانت ظاهرة الإيقان لأجل تضييع الأساس بالإيمان.


الصفحة التالية
Icon