هذا زيادة في تقوية قلوبهم، لأنه تعالى لما قال :﴿وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [ محمد : ٧ ] جاز أن يتوهم أن الكافر أيضاً يصير ويثبت للقتال فيدوم القتال والحراب والطعان والضراب، وفيه المشقة العظيمة فقال تعالى : لكم الثبات ولهم الزوال والتغير والهلاك فلا يكون الثبات، وسببه ظاهر لأن آلهتهم جمادات لا قدرة لها ولا ثبات عند من له قدرة، فهي غير صالحة لدفع ما قدره الله تعالى عليهم من الدمار، وعند هذا لا بد عن زوال القدم والعثار، وقال في حق المؤمنين ﴿وَيُثَبّتْ﴾ بصيغة الوعد لأن الله تعالى لا يجب عليه شيء، وقال في حقهم بصيغة الدعاء، وهي أبلغ من صيغة الإخبار من الله لأن عثارهم واجب لأن عدم النصرة من آلهتهم واجب الوقوع إذ لا قدرة لها والتثبيت من الله ليس بواجب الوقوع، لأنه قادر مختار يفعل ما يشاء.
وقوله ﴿وَأَضَلَّ أعمالهم﴾ إشارة إلى بيان مخالفة موتاهم لقتلى المسلمين، حيث قال في حق قتلاهم ﴿فَلَن يُضِلَّ أعمالهم﴾ [ محمد : ٤ ] وقال في موتى الكافرين ﴿وَأَضَلَّ أعمالهم﴾ ثم بيّن الله تعالى سبب ما اختلفوا فيه فقال :
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩)


الصفحة التالية
Icon