وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إِن تَنصُرُواْ الله يَنصُرْكُمْ ﴾
أي إن تنصروا دين الله ينصركم على الكفار.
نظيره :"وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ" وقد تقدّم.
وقال قُطْرُب : إن تنصروا نبيّ الله ينصركم الله ؛ والمعنى واحد.
﴿ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ أي عند القتال.
وقيل على الإسلام.
وقيل على الصراط.
وقيل : المراد تثبيت القلوب بالأمن ؛ فيكون تثبيت الأقدام عبارةً عن النصر والمعونة في موطن الحرب.
وقد مضى في "الأنفال" هذا المعنى.
وقال هناك :﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الملائكة أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الذين آمَنُواْ ﴾ [ الأنفال : ١٢ ] فأثبت هناك ( واسطة ونفاها هنا ) ؛ كقوله تعالى :﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الموت ﴾ [ السجدة : ١١ ] ثم نفاها بقوله :﴿ الله الذي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ﴾ [ الروم : ٠ ٤ ].
﴿ الذي خَلَقَ الموت والحياة ﴾ [ الملك : ٢ ] ومثله كثير ؛ فلا فاعل إلا الله وحده.
قوله تعالى :﴿ والذين كَفَرُواْ ﴾ يحتمل الرفع على الابتداء، والنصب بما يفسره "فَتَعْساً لَهُمْ" كأنه قال : أتْعَسَ الذين كفروا.
و"تَعْساً لَهُمْ" نصب على المصدر بسبيل الدعاء ؛ قاله الفرّاء، مثل سَقْياً له ورَعْياً.
وهو نقيض لَعاً له.
قال الأعشى :
فالتَّعْس أوْلَى لها من أن أقول لَعَا...
وفيه عشرة أقوال : الأوّل بُعْداً لهم ؛ قاله ابن عباس وابن جريج.
الثاني حُزْناً لهم ؛ قاله السدي.
الثالث شقاء لهم ؛ قاله ابن زيد.
الرابع شَتْماً لهم من الله ؛ قاله الحسن.
الخامس هلاكاً لهم ؛ قاله ثعلب.
السادس خَيْبَةً لهم ؛ قاله الضحاك وابن زيد.
السابع قبحاً لهم ؛ حكاه النقاش.
الثامن رغماً لهم ؛ قاله الضحاك أيضاً.
التاسع شَرًّا لهم ؛ قاله ثعلب أيضاً.
العاشر شِقْوة لهم ؛ قاله أبو العالية.
وقيل : إن التَّعْس الانحطاط والعِثار.


الصفحة التالية
Icon