وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (١) ﴾
هذه السورة مدنية عند الأكثر.
وقال الضحاك، وابن جبير، والسدي : مكية.
وقال ابن عطية : مدنية بإجماع، وليس كما قال، وعن ابن عباس، وقتادة : أنها مدنية، إلا آية منها نزلت بعد حجة، حين خرج من مكة وجعل ينظر إلى البيت، وهي :﴿ وكأين من قرية ﴾ الآية.
ومناسبة أولها لآخر ما قبلها واضحة جداً.
﴿ الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ﴾ : أي أعرضوا عن الدخول في الإسلام، أو صدوا غيرهم عنه، وهم أهل مكة الذين أخرجوا رسول الله ( ﷺ ).
قال ابن عباس : وهم المطعمون يوم بدر.
وقال مقاتل : كانوا اثني عشر رجلاً من أهل الشرك، يصدون الناس عن الإسلام ويأمرونهم بالكفر، وقيل : هم أهل الكتاب، صدوا من أراد منهم ومن غيرهم أن يدخل في الإسلام.
وقال الضحاك :﴿ عن سبيل الله ﴾ : عن بيت الله، يمنع قاصديه، وهو عام في كل من كفر وصد.
﴿ أضل أعمالهم ﴾ : أي أتلفها، حيث لم ينشأ عنها خير ولا نفع، بل ضرر محض.
وقيل : نزلت هذه الآية ببدر، وأن الإشارة بقوله :﴿ أضل أعمالهم ﴾ إلى الاتفاق الذي اتفقوه في سفرهم إلى بدر.
وقيل : المراد بالأعمال : أعمالهم البرة في الجاهلية، من صلة رحم وفك عان ونحو ذلك ؛ واللفظ يعم جميع ذلك.
﴿ والذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴾ : هم الأنصار.
وقال مقاتل : ناس من قريش.
وقيل : مؤمنو أهل الكتاب.
وقيل : هو عام ؛ وعلى تقدير خصوص السبب في القبيلتين، فاللفظ عام يتناول كل كافر وكل مؤمن.
﴿ وآمنوا بما نزل على محمد ﴾ : تخصيصه من بين ما يجب الإيمان به، تعظيم لشأن الرسول، وإعلام بأنه لا يصح الإيمان ولا يتم إلا به.
وأكد ذلك بالجملة الأعتراضية التي هي :﴿ وهو الحق من ربهم ﴾.
وقيل :﴿ وهو الحق ﴾ : ناسخ لغيره ولا يرد عليه النسخ.


الصفحة التالية
Icon