وقيل : الأوزار هنا : الآثام، لأن الحرب لا بد أن يكون فيها آثام في أحد الجانبين، وهذه الغاية.
قال مجاهد : حتى ينزل عيسى بن مريم.
وقال قتادة : حتى يسلم الجميع : وقيل : حتى تقتلوهم.
وقال ابن عطية : وظاهر اللفظ أنها استعارة يراد بها التزام الأمر أبداً، وذلك أن الحرب بين المؤمنين والكافرين لا يضيع أوزارها، فجاء هذه، كما تقول : أنا أفعل كذا وكذا إلى يوم القيامة، فإنما تريد أنك تفعله دائماً.
وقال الزمخشري : وسميت، يعني آلات الحرب من السلاح والكراع، أوزارها، لأنه لما لم يكن لها بد من جرها، فكأنها تحملها وتستقل بها ؛ فإذا انقضت، فكأنها وضعتها.
وقيل : أوزارها : آثامها، يعني حتى يترك أهل الحرب، وهم المشركون، شركهم ومعاصيهم، بأن يسلموا.
والظاهر أن ضرب الرقاب، وهو القتل مغياً بشد الوثاق وقت حصول الإثخان، وأن قوله :﴿ فإما مناً بعد ﴾، أي بعد الشذ، ﴿ وإما فداء ﴾، حالتان للمأسور، إما أن يمن عليه بالإطلاق، كما منّ رسول الله ( ﷺ ) بإطلاق ثمامة بن أثال الحنفي، وإما أن يفدى، كما روي عنه عليه السلام أنه فودي منه رجلان من الكفار برجل مسلم.
وهذه الآية معارض ظاهرها لقوله تعالى :﴿ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ﴾ فذهب ابن عباس، وقتادة، وابن جريج، والسدي، والضحاك، ومجاهد، إلى أنها منسوخة بقوله :﴿ فاقتلوا المشركين ﴾ الآية، وأن الأسر والمن والفداء مرتفع، فإن وقع أسير قتل ولا بد إلا أن يسلم.
وروي نحوه عن أبي بكر الصديق، وذهب ابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، وعطاء، والحسن، إلى أن هذه مخصصة لعموم تلك، والمنّ والفداء ثابت.
وقال الحسن : لا يقتل الأسير إلا في الحرب، يهيب بذلك على العدو.
وذهب أكثر العلماء إلى أن أهل الكتاب فيهم المنّ والفداء وعباد الأوثان، ليس فيهم إلا القتل، فخصصوا من المشركين أهل الكتاب، وخصص من الكفار عبدة الأوثان.


الصفحة التالية
Icon