ومع ذلك يعبد الأوثان لا يكون عمله خيراً، لأن مثل ما أتى به لوجه الله أتى به للصنم المنحوت فلا تعظيم الوجه الثاني : الإضلال هو جعله مستهلكاً وحقيقته هو أنه إذا كفر وأتى للأحجار والأخشاب بالركوع والسجود فلم يبق لنفسه حرمة وفعله لا يبقى معتبراً بسبب كفره، وهذا كمن يخدم عند الحارس والسايس إذا قام فالسلطان لا يعمل قيامه تعظيماً لخسته كذلك الكافر، وأما المؤمن فبقدر ما يتكبر على غير الله يظهر تعظيمه لله، كالملك الذي لا ينقاد لأحد إذا انقاد في وقت لملك من الملوك يتبين به عظمته الوجه الثالث :﴿أضله﴾ أي أهمله وتركه، كما يقال أضل بعيره إذا تركه مسيباً فضاع.
ثم إن الله تعالى لما بيّن حال الكفار بيّن حال المؤمنين فقال :
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (٢)
فيه مسائل :
المسألة الأولى :
قد ذكرنا مراراً أن الله تعالى كلما ذكر الإيمان والعمل الصالح، رتب عليهما المغفرة والأجر كما قال :﴿إِنَّ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [ الحج : ٥٠ ] وقال :﴿والذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَنُكَفّرَنَّ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ﴾ [ العنكبوت : ٧ ] وقلنا بأن المغفرة ثواب الإيمان والأجر على العمل الصالح واستوفينا البحث فيه في سورة العنكبوت فنقول ههنا جزاء ذلك قوله ﴿كَفَّرَ عَنْهُمْ سيئاتهم﴾ إشارة إلى ما يثيب على الإيمان، وقوله ﴿وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ إشارة إلى ما يثيب على العمل الصالح.
المسألة الثانية :